قانون التمرد، الذي وُقّع في 3 مارس 1807، يمنح رئيس الولايات المتحدة صلاحية نشر القوات العسكرية لقمع التمردات وعصيان القوانين. تم استخدامه 30 مرة، كان آخرها في 1992. يُعتبر هذا القانون مثار جدل بسبب فوضوية شروط استخدامه. نشأ كرد فعل على الثورة ضد ضريبة الخمور، ولم يُعدل منذ 150 عامًا. أبرز استخداماته كانت في الحرب الأهلية وفي جهود إلغاء الفصل العنصري. يتيح القانون للرئيس استدعاء قوات عسكرية لحماية القانون، مما يخلق مخاوف من السلطة المطلقة في استخدام القوة ضد الاضطرابات الداخلية، مما يثير تساؤلات حول الحاجة لتحديثه.
قانون التمرد هو تشريع أميركي يُشار إليه أحيانًا باسم “قانون التمرد لعام 1807″، دلالة على سنة إقراره. يمنح هذا القانون لرئيس الولايات المتحدة قدرة نشر قوات عسكرية داخل البلاد للتصدي لحالات التمرد أو العصيان، بالإضافة إلى منحه صلاحية استخدام القوات المسلحة لتطبيق قوانين الاتحاد في حالات عرقلتها بطرق غير مشروعة.
يشمل القانون بعض الشروط بشأن الصلاحيات الممنوحة للرئيس دون توضيحها بشكل نهائي، وقد تم استخدام هذا القانون في أميركا 30 مرة منذ صدوره، وكانت آخر مرة في عام 1992 خلال فترة رئاسة جورج بوش الأب.
كان آخر تعديل لهذا القانون قبل حوالي 150 عامًا، ويتعرض لانتقادات واسعة، خاصة فيما يتعلق بشروط ومعايير تطبيقه.
السياق التاريخي
تم توقيع قانون التمرد من قبل القائد توماس جيفرسون في الثالث من مارس/آذار 1807، ويعود أصل هذا القانون إلى قانون المليشيات لعام 1792، الذي منح القائد صلاحية استدعاء المليشيات لقمع حالات التمرد.
صدر هذا القانون استجابة لثورة جرت بين عامي 1791 و1794 احتجاجًا على الضريبة المفروضة على الخمور، والتي كانت تهدف إلى جمع الإيرادات لتسديد ديون حرب الاستقلال.
استُخدم القانون لاحقًا للتصدي لانتهاكات قانون الحظر لعام 1807، الذي كان يسعى لتجنيب الولايات المتحدة الانجرار إلى الحروب النابليونية في أوروبا، من خلال قطع التجارة مع بريطانيا وفرنسا للضغط عليهما اقتصاديًا لاحترام الحياد الأميركي.
فتح هذا القانون الباب لاستخدام السلطة العسكرية من قبل القائد لتنفيذ القوانين المحلية، كما حدث مع القائد أبراهام لينكولن خلال الحرب الأهلية الأميركية (1861-1865).

فحوى القانون
ينص قانون التمرد على أنه “عندما يقع تمرد في أي ولاية ضد حكومتها، يمكن للرئيس، بناءً على طلب مجلسها التشريعي أو حاكمها، إذا تعذر اجتماع المجلس، استدعاء قوات من مليشيا الولايات الأخرى إلى الخدمة الفدرالية، بالعدد المطلوب من تلك الولاية، واستخدام القوات المسلحة اللازمة لقمع التمرد”.
كما ينص بند آخر على استخدامه “كلما اعتبر القائد أن العراقيل أو التشكيلات أو التجمعات غير القانونية، أو التمرد ضد سلطة الولايات المتحدة، تجعل من غير الممكن تطبيق قوانين الولايات المتحدة في أي ولاية عبر الإجراءات القضائية العادية”.
يجدر بالذكر أنه في الظروف العادية، يمنع “قانون بوس كوميتاتوس” (1878) القوات المسلحة الأميركي -بما في ذلك القوات المسلحة الفدرالية وقوات الحرس الوطني- من المشاركة في إنفاذ القانون المدني، وذلك استنادًا إلى تقليد أميركي يعتبر أنه لا ينبغي التدخل العسكري في السلطة التنفيذية المدنية خشية على الحريات.
استعمالات القانون
منذ إقراره في عام 1807، تم تعديله عدة مرات من قبل السلطات الأميركية، وتم استخدامه في التعامل مع 30 أزمة، حسبما أفاد مركز برينان للعدالة (مؤسسة بحثية أميركية غير ربحية وغير حزبية).
أوضح المركز أن معظم الاستخدامات شملت نشر قوات فدرالية، بالرغم من أن بعض الأزمات تم حلها بعد إصدار الأوامر بالتدخل العسكري، لكن قبل وصول القوات إلى موقع الأحداث.
أبرز حالات استخدام قانون التمرد كانت في فترة رئاسة أبراهام لينكولن (1861-1865)، حيث استخدم هذا القانون لتمكينه من الاستعانة بفيدرالية لمحاربة انفصال الولايات الكونفدرالية خلال الحرب الأهلية الأميركية.
كما استعمله القائد دوايت آيزنهاور (1953-1961) في إطار الجهود المبذولة لإلغاء الفصل العنصري في المدارس السنةة في الجنوب، خلال ذروة مظاهرات الحقوق المدنية. وقد أرسل آيزنهاور قوة محمولة جواً إلى مدينة ليتل روك بولاية أركنساس لحماية الطلاب السود.

أبرز حالات تفعيل قانون التمرد في القرن العشرين كانت في عام 1965، عندما استدعى القائد ليندون جونسون قوات الحرس الوطني لحماية نشطاء الحقوق المدنية المشاركين في مسيرة في ولاية ألاباما من العنف، رغم معارضة حاكم الولاية وغياب الطلب الرسمي.
برر القائد جونسون قراره بضرورة ضمان سلامة المشاركين في المسيرة الذين كانوا يواجهون العنف من المسؤولين المحليين.
آخر مرة طبق فيها قانون التمرد كانت في عام 1992 خلال حكم القائد جورج بوش الأب، الذي استخدمه لقمع أعمال الشغب في مدينة لوس أنجلوس بعد تبرئة ضباط الشرطة المتورطين في ضرب السائق الأسود رودني كينغ.
اتخذ القائد بوش هذه الخطوة بناءً على طلب حاكم ولاية كاليفورنيا آنذاك بيت ويلسون لتوفير المساعدة الفدرالية.
ترامب وقانون التمرد
في عام 2020، أبدى القائد الأميركي دونالد ترامب في فترته الرئاسية الأولى نية استخدام هذا القانون لاحتواء المظاهرات العنيفة التي اندلعت احتجاجًا على تعامل أفراد الشرطة وعلى العنصرية الموجهة ضد الأميركيين من أصل أفريقي بعد مقتل الناشط جورج فلويد على يد الشرطة في 25 مايو/أيار 2020 في مدينة منيابولس بولاية مينيسوتا.
ورغم أن ترامب لم يلجأ إلى قانون التمرد عندما أصدر في 7 يونيو/حزيران 2025 أمرًا بنشر ألفين من عناصر الحرس الوطني في لوس أنجلوس لاحتواء الأزمة الناجمة عن احتجاجات المهاجرين، إلا أنه استند إلى بند في قانون فدرالي يسمح له باستدعاء أفراد الخدمة الفدرالية عند “وجود تمرد أو خطر تمرد ضد سلطة حكومة الولايات المتحدة” أو عندما “يعجز القائد، باستخدام القوات النظام الحاكمية، عن تنفيذ قوانين الولايات المتحدة”.
وذكر في مذكرة رئاسية أن القرار اتُّخذ “لحماية موظفي دائرة الهجرة والجمارك وغيرهم من موظفي حكومة الولايات المتحدة الذين يؤدون مهام فدرالية بشكل مؤقت، بما في ذلك إنفاذ القانون الفدرالي، وحماية الممتلكات الفدرالية في المواقع التي تجري فيها احتجاجات ضد هذه الوظائف أو من المحتمل أن تحدث فيها بناءً على تقييمات التهديدات الحالية والعمليات المخطط لها”.
أفادت تقارير إخبارية عديدة أن ترامب كان يدرس إمكانية تفعيل قانون التمرد ردًا على الاحتجاجات وأعمال العنف التي اندلعت في أوساط المهاجرين في 6 يونيو/حزيران 2025 في مدينة لوس أنجلوس.
صرح ترامب بأن “نشر القوات المسلحة كان ضروريًا لحماية الممتلكات والأفراد الفدراليين”، وذلك عقب قراره بنشر 700 عنصر من مشاة البحرية الأميركية (المارينز) و4 آلاف جندي من الحرس الوطني في لوس أنجلوس.

قانون التمرد والأحكام العرفية
يدعا مركز برينان للعدالة بأن قانون التمرد لا يشرع حالة الأحكام العرفية التي تتيح بشكل عام سيطرة القوات المسلحة على السلطة التنفيذية المدنية في حالات الطوارئ. عوضًا عن ذلك، يسمح قانون التمرد للجيش عادة بمساعدة السلطات المدنية “سواء على مستوى الولايات أو السلطة التنفيذية الفيدرالية”، وليس بديلاً عنها.
يرى الكثير من الخبراء أن صياغة قانون التمرد فضفاضة، مما يمنح القائد صلاحيات واسعة في تحديد متى وكيف يستخدم القوات العسكرية في عمليات إنفاذ القانون خلال الأزمات الداخلية.
يعتبر مركز برينان أن القانون لا يحدد معايير واضحة لاستخدام القوات العسكرية، مما يخلق وضعًا يعطي القائد صلاحيات شبه مطلقة لنشر القوات الفيدرالية خلال اضطرابات مدنية. ويأنذر المركز من أن هذه السلطة غير المقيدة لاستخدام القوات المسلحة محليًا تشكل مخاطرة كبيرة.
يُقدّر المركز أن تلك السلطة الواسعة أصبحت غير ضرورية وغير مقبولة بالنظر إلى التغيرات الكبيرة التي شهدتها الولايات المتحدة طيلة 150 عامًا منذ آخر تعديل لقانون التمرد، حيث تغيرت قدرات السلطات المدنية وتوقعات الشعب الأميركي.