ألغت السلطة التنفيذية الفيتنامية رسميًا سياسة تحديد النسل التي قيدت الأسر بإنجاب طفلين منذ 1988، بهدف مواجهة التدهور السكاني نتيجة الشيخوخة المتزايدة. وافق المجلس التشريعي على تعديل يسمح بإنجاب عدد غير محدود من الأطفال، في ظل تراجع معدل الخصوبة الذي قفز من 2.11 في 2021 إلى 1.91 في 2024. هذا التراجع يعكس الأزمات السكانية الموجودة في دول آسيوية مثل كوريا الجنوبية واليابان. كما يُواجه البلد تحديات إضافية، مثل التفضيل الاجتماعي للذكور، مما يزيد من عمليات الإجهاض الانتقائي. تسعى السلطة التنفيذية إلى تحفيز الأمهات من خلال مكافآت مالية.
صرحت السلطة التنفيذية الفيتنامية رسميًا عن إلغاء الإستراتيجية التي كانت تتيح للأسر إنجاب طفلين فقط، وذلك في إطار جهودها للتصدي للتدهور السكاني الناجم عن تزايد الشيخوخة.
كما ذكرت الوكالة الرسمية، فقد وافق المجلس التشريعي الفيتنامي (الجمعية الوطنية) على تعديل تشريعي يُلغي القيود المفروضة على عدد الأطفال المسموح بإنجابهم، مما يُنهي سياسة تحديد النسل المعمول بها منذ عام 1988.
وتظهر المعلومات أن معدل الخصوبة في فيتنام شهد انخفاضًا مستمرًا في السنوات الأخيرة، حيث انخفض من 2.11 طفل لكل امرأة في عام 2021 (وهو تقريبًا فوق معدل الإحلال السكاني) إلى 2.01 في 2022، ثم إلى 1.96 في 2023، ليصل إلى 1.91 في عام 2024.
هذا الانخفاض يضع فيتنام ضمن قائمة الدول الآسيوية التي تواجه أزمة سكانية، إلى جانب كوريا الجنوبية واليابان وسنغافورة، لكن الفرق هو أنها دولة نامية، مما يجعل التحديات الماليةية والديمغرافية أشد تعقيدًا.
في هذا الإطار، تعبر نغوين ثو لينه -مديرة تسويق في هانوي تبلغ من العمر 37 عامًا- بقولها: “أحيانًا نفكر في إنجاب طفل ثانٍ حتى لا يكون ابننا وحيدًا، لكن الضغوط المالية والزمنية تجعل هذا الخيار صعبًا للغاية”.
من سياسة النمو السكاني إلى أزمة شيخوخة
تعود سياسة الطفلين إلى عام 1988، عندما سعت السلطة التنفيذية الفيتنامية إلى تقليل عدد المواليد لتخفيف العبء على الأسر وتعزيز مشاركة النساء في سوق العمل.
ومنذ بداية “مرحلة السكان الذهبيين” في عام 2007 -حيث يتجاوز عدد السنةلين عدد الأطفال وكبار السن- عملت فيتنام على استثمار هذه المرحلة، المتوقع أن تنتهي بحلول عام 2039.
وعلى الرغم من التوقعات بأن يصل عدد السكان القادرين على العمل إلى ذروته في عام 2042، فإن التقديرات تشير إلى أن عدد السكان قد يبدأ بالتراجع فعليًا بحلول عام 2054، مما قد يؤثر سلبًا على النمو الماليةي، في ظل زيادة نفقات الرعاية الاجتماعية لكبار السن.

تفاوت مناطقي في الخصوبة وحوافز للإنجاب
تتوزع تراجعات معدلات الخصوبة بشكل غير متساوٍ بين المناطق، ففي مدينة هو تشي منه (أكبر مدن البلاد) بلغ معدل الخصوبة 1.39 طفل لكل امرأة في عام 2024، وهو من أدنى المعدلات في البلاد، وبالإضافة إلى ذلك، تجاوزت نسبة السكان فوق سن الـ60 الـ12%.
لمواجهة ذلك، أطلقت السلطات المحلية في ديسمبر/كانون الأول الماضي برنامجًا تحفيزيًا يقدم مكافآت مالية تصل إلى 120 دولارًا للنساء اللواتي ينجبن طفلين قبل سن الـ35.
اختلال التوازن بين الجنسين
تواجه فيتنام أيضًا مشكلة ديمغرافية أخرى تتعلق بالتفضيل الاجتماعي الذكوري، مما أدى إلى زيادة نسبة الإجهاض الانتقائي وفق الجنس. لذا، يُحظر على الأطباء قانونيًا الكشف عن جنس الجنين، ويعتبر الإجهاض بناءً على الجنس غير قانوني.
وفي إطار محاولة ردع هذه الممارسات، اقترحت وزارة الرعاية الطبية مضاعفة الغرامة المفروضة على اختيار جنس الجنين إلى ثلاثة أضعاف، لتصل إلى 3800 دولار.
تشبه التجربة الفيتنامية ما قامت به الصين، التي فرضت سياسة الطفل الواحد عام 1979 ثم خففت القيود تدريجيًا، حتى سمحت بإنجاب ثلاثة أطفال منذ عام 2021.
ومع ذلك، على الرغم من هذه التسهيلات، إلا أن معدلات الولادة لم ترتفع كما كان متوقعًا، بل واصلت الهبوط، مما عمق المخاوف من تبعات اقتصادية عسيرة.