الأربعاء, يونيو 4, 2025
الرئيسية الأخبار سلاسل الإمداد: من يتحكم في حركة السلع عالمياً؟
سلاسل الإمداد.. من يسيطر على تدفق السلع حول العالم؟

سلاسل الإمداد: من يتحكم في حركة السلع عالمياً؟

42
0
إعلان


تُعتبر سلاسل الإمداد شبكة معقدة تربط بين مراحل إنتاج السلع وتسليمها، بدءًا من المواد الخام وصولًا إلى المتاجر. الأزمات العالمية الأخيرة، مثل جائحة كورونا والحروب، أبرزت خطورة هذه السلاسل وأهمية التحكم فيها، حيث يمكن أن تؤدي أي خلل إلى نقص السلع وارتفاع الأسعار. تعتمد سلاسل الإمداد الحديثة على التقنية لزيادة الكفاءة، لكنها تظل عرضة للأزمات. تحكم العديد من الدول والشركات في هذه السلاسل من خلال السيطرة على الموارد والإنتاج، مما يبرز أهمية التعاون بين الدول لتعزيز الاستقرار الماليةي ومواجهة التحديات المستقبلية.

في عصر يتسم بالترابط كشبكة عنكبوتية، تمر المنتجات برحلة معقدة قبل أن تصل إلى المتاجر أو المنازل، وذلك عبر نظام هائل تُعرف سلاسل الإمداد.

إعلان

تعمل هذه السلاسل على ربط المصانع بالموانئ والمخازن والمتاجر، مُشكلة شبكة عالمية تعزز المالية العالمي بشكل صامت.

على الرغم من عدم إدراك كثير من الناس لأهمية هذه السلاسل، فإن الأزمات العالمية الأخيرة، مثل جائحة كورونا، والحرب في أوكرانيا، والتوترات بين الصين والغرب، قد سلطت الضوء على أهميتها وخطورتها. فأي خلل بسيط فيها قد يؤدي إلى نقص في السلع، وتأخيرات في الإنتاج، وارتفاع الأسعار.

تحولت سلاسل الإمداد من كونها مجرد سياسات لوجستية إلى أدوات ضغط سياسية واقتصادية تُستخدم من قبل القوى الكبرى في صراعات الهيمنة.

آخر تحديثات الأخبار تيليجرامع

في هذا المقال، نستعرض طبيعة سلاسل الإمداد، من يتولى السيطرة عليها؟ ما الذي يؤدي إلى تعطلها؟ وكيف يمكن إدارتها؟

من المصنع إلى العالم.. كيف تعمل سلاسل الإمداد؟

تخيل أن الجوال الذي تستخدمه لم يُصنع في مكان واحد، فشريحته جاءت من تايوان، وبطاريته من كوريا، وغلافه من الصين. ثم تم نقله إلى مخزن في سنغافورة، ومن هناك تمت شحنه عبر سفينة أو طائرة حتى وصل إلى رف المتجر في بلدك. كل هذه الرحلة تحدث فقط لتتمكن من شرائه في لحظة واحدة، دون أن تدرك الرحلة التي قطعها.

تتطلب هذه الرحلة الطويلة نظامًا عالميًا معقدًا يعرف باسم “سلاسل الإمداد”.

ارشيف CHITTAGONG, BANGLADESH - 2021/11/17: Aerial view of containers and shipyard cranes at Chittagong Port. Chittagong Port on the banks of the Karnaphuli river is Bangladesh's main seaport. (Photo by Md Manik/SOPA Images/LightRocket via Getty Images)
التحكم في الموانئ والمعادن يمنح بعض الدول نفوذا يتجاوز حدودها (غيتي)

ما هي سلاسل الإمداد؟

تشمل سلاسل الإمداد المراحل التي تمر بها أي سلعة قبل أن تصل إليك، بدءًا من استخراج المواد الخام مثل الحديد أو القمح أو النفط، ثم نقلها إلى المصانع عبر وسائل النقل المختلفة.

في المصانع، تُحول هذه المواد إلى منتجات نهائية باستخدام آلات وتقنيات بشرية، لتصبح جاهزة للاستهلاك، مثل الأجهزة أو المواد الغذائية أو الملابس.

بعد التصنيع، يتم نقل المنتجات مرة أخرى عبر السفن أو الطائرات أو الشاحنات، لتُخزن في الموانئ أو المخازن، ثم تُوزع على المتاجر حيث يقوم السنةلون بإعدادها لعرضها وبيعها للمستهلكين.

يمكن تشبيه سلاسل الإمداد بقطار طويل، حيث تمثل كل عربة مرحلة، وإذا تعطلت عربة واحدة، يتوقف القطار بالكامل. وهذا هو بالضبط ما يحدث عندما يحدث خلل طفيف في أي مرحلة، حيث يتسبب ذلك في تأخيرات في الشحنات أو نقص في السلع أو ارتفاع الأسعار.

يعتبر كل من يشارك في هذه المراحل من استخراج المواد إلى التصنيع والنقل والتوزيع جزءاً من سلسلة الإمداد.

عصر الإمداد الذكي

مع تزايد تعقيد سلاسل الإمداد وتعدد مراحلها حول العالم، لم يعد من الممكن إدارتها بطرق تقليدية، لذا ظهرت سلاسل الإمداد الذكية، التي تعتمد على التقنية لتحسين كفاءة كل خطوة في السلسلة.

تعتمد هذه الأنظمة على أدوات مثل الذكاء الاصطناعي وأجهزة التتبع، لتوقّع الطلب ومراقبة الشحنات لحظة بلحظة، واكتشاف الأعطال قبل أن تعرقل الحركة.

ساعد هذا التطور الشركات على الاستجابة بسرعة أكبر، وتقليل التأخيرات، وتخفيف الفاقد في الوقت والتكاليف، ولكن على الرغم من تلك التحسينات، لا تزال سلاسل الإمداد عرضة للتعطيل في أي أزمة، مما يظهر هشاشتها، مهما تقدمت تقنياتها. ويتبادر للذهن سؤالان هاما: من يملك السيطرة الحقيقية على هذه السلاسل؟ ومن يمكنه توجيهها أو تعطيلها وفقًا لمصالحه؟

العوامل التي تؤثر على سلاسل الإمداد

تعتبر سلاسل الإمداد نظاماً مترابطاً وحساساً، حيث يمكن لأي خلل خارجي أن يؤثر على سلاستها. ومع تغييرات العالم، لم تعد التجارة بعيدة عن المناخ أو الإستراتيجية. بل أصبحت هناك عوامل متعددة تؤثر على حركة السلع وتدفقها بين البلدان، وظهرت هذه الشبكات كأدوات ضغط في لعبة النفوذ بين الدول.

A hooded man holds a laptop computer as cyber code is projected on him in this illustration picture taken on May 13, 2017. Capitalizing on spying tools believed to have been developed by the U.S. National Security Agency, hackers staged a cyber assault with a self-spreading malware that has infected tens of thousands of computers in nearly 100 countries. REUTERS/Kacper Pempel/Illustration
الهجمات السيبرانية تكشف هشاشة الأنظمة الذكية في إدارة الإمدادات (رويترز)

وفيما يلي أبرز العوامل التي تعرقل سلاسة الإمداد وتسبب اضطرابات في الأسواق العالمية:

تعتبر هذه الأحداث من أكثر العوامل التي تؤثر بشكل مفاجئ على سلاسل الإمداد، حيث تربك جميع مراحلها من الإنتاج إلى التوزيع. على سبيل المثال، جائحة “كوفيد-19” أدت إلى توقف المصانع وتعطل الشحنات ونقص العمالة.

هل تعلم أنه وفقاً لتقارير الأمم المتحدة، فإن حركة الشحن البحري تراجعت بنسبة 4.1%، وانخفضت التجارة العالمية بنسبة 5.6% في عام 2020؟

  • الأحداث الجيوسياسية

تعتبر الحروب والنزاعات والعقوبات الماليةية من أبرز العوامل التي تؤثر مباشرة على تدفق السلع الحيوية، خاصة الغذاء والطاقة. ومن الأمثلة على ذلك الحرب الروسية الأوكرانية التي أحدثت اضطرابًا كبيرًا في صادرات الحبوب والطاقة وأثرت بشكل ملموس على حركة الغذاء عالمياً.

  • الاعتماد على مورد واحد أو دولة واحدة

عندما تكون سلاسل الإمداد تعتمد على دولة واحدة أو مورد رئيسي لتوفير سلعة أساسية، تصبح أكثر عرضة للخطر عند حدوث أي خلل في هذا المصدر.

كمثال، كانت هناك أزمة الرقائق بين 2020 و2023، حيث تركز إنتاجها في دول آسيوية، مما أدى إلى ضرر 169 صناعة وخسائر تتجاوز 210 مليارات دولار.

  • السياسات التجارية المفاجئة

قرارات مثل فرض قيود على التصدير أو تعديل الرسوم الجمركية، كما يحدث في الحرب التجارية الحالية، قد تُعطل حركة السلع وتوقف الإمدادات وتعطل خطط الشركات بشكل مفاجئ.

  • التغيرات المناخية

تُعتبر ظواهر مثل الجفاف والفيضانات وحرائق الغابات من أهم العوامل التي تُعطل الإنتاج وتُعرقل الشحن، مما يضعف البنية التحتية. وبحسب تقديرات معهد إعادة التأمين السويسري، قد يخسر المالية العالمي نحو 18% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2050 نتيجة تلك الاضطرابات.

  • الهجمات السيبرانية

تعتمد سلاسل الإمداد الحديثة بشكل كبير على الأنظمة الرقمية والتكنولوجية لإدارتها، مما يجعلها أكثر كفاءة، ولكنها أيضًا أكثر هشاشة أمام الهجمات السيبرانية. فبمجرد اختراق أحد الأنظمة أو تعطيله، يمكن أن تتوقف سلسلة الإمداد بالكامل أو تتعطل لأيام، مما يؤدي إلى خسائر ضخمة وتأخير في حركة البضائع. كمثال، تعرضت شركة كولونيال بايبلاين الأمريكية في عام 2021 لهجوم قام بتعطيل شبكة توزيع تغذي 45% من الساحل الشرقي للولايات المتحدة، مما أدى إلى نقص في الإمدادات وارتفاع الأسعار.

  • نقص العمالة والاضطرابات العمالية

رغم التقدم في إدارة سلاسل الإمداد عبر التقنية، يبقى العنصر البشري أساسياً، خصوصًا في مراحل النقل والتخزين.

يمكن أن يؤدي نقص العمالة، خاصة سائقي الشاحنات وعمال المستودعات، إلى تباطؤ العمليات وتأخير الشحن. وفي بعض الحالات، قد تؤدي الإضرابات إلى شلل جزئي أو كلي لحركة السلع، مما ينعكس بشكل مباشر على تدفق الإمداد.

  • ضعف البنية التحتية والازدحام

تعتمد سلاسل الإمداد على موانئ وطرقات فعالة لضمان حركة السلع بكفاءة. لكن عندما تكون البنية التحتية قديمة أو غير قادرة على التعامل مع أحجام الشحن المتزايدة، قد تظهر الاختناقات ويتزايد الازدحام، مما يؤدي إلى تأخيرات كبيرة.

من يسيطر على سلاسل الإمداد العالمية؟

تتضمن السيطرة على سلاسل الإمداد القدرة على تسريع أو تعطيل حركة السلع، ويتم ذلك من خلال امتلاك أدوات نفوذ حقيقية، مثل الإنتاج أو التصنيع أو الموانئ وأنظمة الدفع والتقنية.

Mining machine is seen at the Bayan Obo mine containing rare earth minerals, in Inner Mongolia
المعادن النادرة تشكل عنصرًا حاسمًا في الصناعات التكنولوجية وتعتبر أداة تأثير جيوسياسي ضمن سلاسل الإمداد العالمية (رويترز)

الجهات المسيطرة على جزء من إنتاج أو تصنيع سلعة، أو على ميناء رئيسي، تستطيع التأثير في تدفق السلع حتى خارج نطاقها الجغرافي. لذلك، لا أحد يستطيع التحكم بشكل كامل، بل يتوزع النفوذ بين الدول والشركات، مما يجعل لكل منها جزءًا من مفاتيح الإمداد.

في عالم مترابط، قد تؤدي خطوة واحدة من جهة مؤثرة إلى إرباك سلاسل الإمداد بالكامل، وهو ما يمنح بعض الفاعلين القدرة على التأثير في اقتصادات لا تخصهم مباشرة.

  • نماذج من أبرز الفاعلين الدوليين

  • الولايات المتحدة

تُعتبر من أبرز الفاعلين في سلاسل الإمداد، بفضل سيطرتها على التقنية المتقدمة، وأنظمة الدفع العالمية، وشركات متعددة الجنسيات تتحكم في الإنتاج والتوزيع.

تمتلك الولايات المتحدة أيضًا شبكات تسليح واسعة، وتحتل موقعًا رائدًا في النقل الدولي، إضافة إلى دورها المحوري في تأمين الممرات البحرية، مما يعطيها القدرة المباشرة على تسهيل الإمدادات أو تعطيلها.

تُعرف الولايات المتحدة أيضًا بأنها “مصنع العالم”، حيث تهيمن على إنتاج مكونات أساسية مثل الإلكترونيات والبطاريات والمعادن والألواح الشمسية، بالإضافة إلى دورها الكبير في الصناعة بشكل عام.

كما تُسيطر على 7 من أكبر 10 موانئ شحن في العالم، وتدير استثمارات ضخمة في ممرات النقل ضمن مبادرة الحزام والطريق، ما يمنحها نفوذًا عابرًا للحدود في سلاسل الإمداد العالمية.

  • الاتحاد الأوروبي وكوريا الجنوبية وتايوان

تُظهر هذه القوى تفوقًا في الصناعات الدقيقة، خاصةً أشباه الموصلات، حيث تنتج تايوان وحدها أكثر من 60% من الرقائق الإلكترونية المتقدمة.

  • سنغافورة وهولندا

تُعتبران من أبرز المراكز اللوجستية في التجارة العالمية بفضل بنيتهما التحتية المتقدمة وموانئ مثل سنغافورة وروتردام، مما يجعلهما نقاط عبور رئيسية للسلع حول العالم.

تمتلك البلدان المذكورة موارد ضخمة من النفط والغاز، مما يجعلها من بين أكبر المصدرين عالميًا، وبالتالي تمنحها قوة كبيرة في سلاسل الطاقة والإمداد الصناعي.

تُعتبر أيضًا واحدة من أبرز مصدري الحبوب والزيوت النباتية والأسمدة، مما يجعلها لاعبًا مهمًا في سلاسل الإمداد الغذائي على الرغم من التحديات الاستقرارية والبنية التحتية المحدودة.

تتميز تلك الدول بتصنيع المكونات عالية الدقة والآلات الصناعية والروبوتات، مما يعطيها وزنًا في سلاسل الإمداد التقنية والصناعية.

تُعتبر من اللاعبين الناشئين في مجالات الأدوية والبرمجيات، وتُعد من كبار منتجي المكملات الدوائية على مستوى العالم.

الدور العربي.. بين التأثير والحاجة للتكامل

تلعب الدول العربية أدوارًا متباينة في سلاسل الإمداد على الساحتين العالمية والإقليمية، من خلال نفوذها المباشر في قطاعات الطاقة والموانئ والشحن، بالإضافة إلى مساهمات ملحوظة في الزراعة والصناعة.

إليك بعض النماذج البارزة:

  • السعودية وقطر والإمارات

تشكّل هذه الدول من أبرز الفاعلين في سلاسل الطاقة، بفضل سيطرتها على حصة كبيرة من إنتاج وتصدير النفط والغاز، مما يمنحها تأثيرًا مباشرًا على وفرة إمدادات الطاقة وأسعارها عالميًا.

تساهم أيضًا في تزويد الأسواق الأوروبية والعربية بالمنتجات الزراعية، ولديها تقدم ملحوظ في الصناعات التحويلية مثل السيارات والطيران.

تستفيد هذه الدول من موقعها الجغرافي عبر قناة السويس، التي يُعبر منها نسبة كبيرة من التجارة العالمية، مما يجعلها نقطة عبور حيوية في سلاسل الشحن الدولية.

كما تلعب دورًا مهمًا في تصدير الغاز نحو أوروبا والدول العربية، مما يمنحها دورًا ملحوظًا في سلاسل الطاقة.

تشارك أيضًا بأدوار نوعية في بعض الصناعات الدوائية والغذائية ضمن شبكات التوريد الإقليمية في محيط البحر الأبيض المتوسط.

 تحديات عربية في سلاسل الإمداد

تواجه الدول العربية تأثيرات مضاعفة من اضطرابات سلاسل الإمداد، نتيجة لاعتمادها الكبير على استيراد الغذاء والدواء والمواد الخام، مع محدودية التصنيع المحلي وضعف التنسيق الإقليمي في أوقات الأزمات.

ورغم أن بعض الدول تتمتع بمزايا واضحة في مجالات الطاقة والموقع والموارد الزراعية، إلا أن غياب التعاون المشترك يضعف القدرة على الاستفادة منها. لذا، تبدو الحاجة ملحة لإنشاء شراكات عربية فعالة تعزز الاستقرار الغذائي، وتطور النقل والتخزين، وتسرع الاستجابة للأزمات، مثل النماذج الناجحة مثل الاتحاد الأوروبي. فالاستعداد الجماعي لم يعد ترفا، بل أصبح ضرورة تحتم الحفاظ على الاستقرار، ومواجهة التحديات المستقبلية بثبات أكبر.

gettyimages 136861250
تُعتبر قطر فاعلاً محورياً في سلاسل الطاقة العالمية بفضل استثماراتها الضخمة في تصدير الغاز المسال والبنية التحتية الحديثة (غيتي)

اللاعبون الصامتون في سلاسل الإمداد

إلى جانب القوى الكبرى والدول العربية، هناك دول أخرى تمتلك نفوذًا مهمًا في سلاسل الإمداد، بفضل سيطرتها على مواد خام لا غنى عنها. فمثلاً:

  • تنتج الكونغو الديمقراطية أكثر من 70% من الكوبالت العالمي، وهو عنصر أساسي في بطاريات السيارات الكهربائية.
  • تعتبر تشيلي من كبار موردي النحاس والليثيوم على مستوى العالم.
  • تهيمن إندونيسيا على نحو 50% من إنتاج النيكل عالميًا.

رغم محدودية نفوذ هذه الدول سياسيًا، فإن امتلاكها لهذه الموارد يمنحها تأثيرًا متزايدًا في مجالات المعادن والتقنيات النظيفة.

مستقبل سلاسل الإمداد.. بين التكلفة والسيطرة

قد كشفت الأزمات المتكررة منذ عام 2020 عن هشاشة النظام الحاكم التجاري العالمي، وأظهرت أن الاعتماد على سلاسل إمداد طويلة ومعقدة لم يعد خيارًا آمنًا.

يشهد العالم حاليًا تحولًا تدريجيًا نحو نموذج أكثر أنذرًا ومرونة، حيث لم تعد التكلفة المنخفضة الأولوية المطلقة كما كانت في السابق، حين كانت الشركات تعتمد بشكل كثيف على الصين كمركز للإنتاج الرخيص.

رغم فعالية هذا الخيار في تقليل التكاليف، إلا أنه أدى إلى تركيز كبير للنفوذ الصناعي واللوجستي بيد بكين، مما تهدف الدول الآن إلى تقليصه.

على الرغم من محاولات تعزيز التصنيع المحلي، فإن الوصول إلى الاستغناء الذاتي الكامل يعتبر غير واقعي، مما يجعل التعاون الماليةي الحقيقي ضرورة لا غنى عنها.

اليوم، يُركز الجهد على بناء سلاسل إمداد مرنة وقابلة للتكيف، قادرة على امتصاص الصدمات والتعامل مع التداخل بين التجارة والإستراتيجية. كما أن تأمين الإمداد لم يعد مجرد مسألة اقتصادية، بل تحول إلى ملف سيادي خاص باستقرار الدول.

ومن لا يُحسن الاستعداد لهذا الواقع الجديد يعرض اقتصاده لمخاطر متزايدة، ويجد نفسه أقل قدرة على الصمود أمام تقلبات الإستراتيجية والمناخ والأسواق، وفي عالم سريع التغير، لا مكان للانتظار، بل يتوجّب الاستعداد والقرارات السريعة.


رابط المصدر

إعلان

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا