إعلان


تعرضت روسيا لهجوم بطائرات مسيّرة أوكرانية استهدف قاذفاتها الإستراتيجية، مما أبرز ضعفًا محتملًا في قوتها الجوية. رغم ذلك، المحلل العسكري Brandon Weichert يشير إلى قدرة روسيا على التعافي سريعًا، نظرًا إلى احتفاظها بعدد كبير من القاذفات في المخازن منذ الحقبة السوفياتية. ورغم تقديرات أوكرانية بشأن تراجع قدراتها، لا تزال هناك مخاوف من استمرار قدرة روسيا على تحديث أسطولها. الحرب الحالية تؤكد على تفوق روسيا في الأسلحة والبيئة الصناعية الدفاعية، بينما تظل المشكلات في الإلكترونيات تحديًا أمام قوتها العسكرية. الحلول التفاوضية تعد السبيل الأفضل لإنهاء النزاع الطويل.

نفذت أوكرانيا هجوماً ضخماً بالطائرات المسيّرة استهدف قاذفات روسيا الاستراتيجية، مما يمثل تصعيداً نوعياً، وعلى الرغم من الخسائر، تبدو روسيا قادرة على استعادة قوتها بسرعة.

إعلان

يقول المحلل العسكري الأميركي براندون وايكيرت في تقرير نشرته مجلة ناشيونال إنترست الأميركية، إنه على الرغم من احتفال وسائل الإعلام الغربية بـ”هدف الانتصار” بعد الهجوم المفاجئ على أسطول القاذفات الاستراتيجية الروسية، من المهم الحصول على تقييم دقيق لحجم الأضرار.

حتى الآن، سلطت معظم التقارير، التي غالباً ما تستند إلى مصادر أوكرانية، الضوء على تراجع القدرة التشغيلية لأسطول القاذفات بعيدة المدى لدى روسيا.

يدرك وايكيرت أن الضربة ستتسبب في أضرار حقيقية ودائمة، لكن القليل من التقارير لفتت إلى أن ما تبقى لدى روسيا من قاذفات استراتيجية لا يزال يمثل تهديداً كبيراً، بجانب امتلاك الكرملين لقدرات هجومية بعيدة المدى من البر والبحر تدعم عناصر “ثالوثه النووي”.

تقدّر أوكرانيا أن الهجمة ألحقت أضراراً بنحو 30% من أسطول قاذفاتها الاستراتيجية النشطة القادرة على حمل رؤوس نووية، بينما تبقى التأثيرات طويلة المدى لتلك الضربة غامضة.

مخزون كبير

على الرغم من ذلك، تظل روسيا تمتلك عددًا كبيرًا من الأنظمة المماثلة المخزنة منذ انهيار الاتحاد السوفياتي.

بالطبع، تُعتبر هذه الطائرات عتيقة وفقاً للمعايير الحديثة، لكن، كما أثبتت موسكو قدرتها على تحديث دبابات القتال القائدية مثل “تي 72” و”تي 90″، فإنها يمكن أن تعيد تفعيل هذه القاذفات المخزنة كأدوات فعالة في المعارك الحديثة.

أيضاً، تعمل القاعدة الصناعية الدفاعية الروسية حالياً بكفاءة لم نشهدها منذ ذروة الاتحاد السوفياتي في فترة الحرب الباردة، وإذا أرادت روسيا إعادة القاذفات المخزنة إلى الخدمة، فمن المحتمل أن تُسارع إلى فعل ذلك.

يُؤكد وايكيرت على أن حلف الناتو يجب أن يدرك التحديات الحقيقية المتعلقة بالقدرات الروسية، وإذا اعتمد الحلف على ما يقوله النظام الحاكم الأوكراني دون تمحيص، فهو معرض لارتكاب أخطاء استراتيجية كبيرة.

استهدفت الهجمات المفاجئة بالطائرات المسيّرة الأوكرانية قواعد عسكرية استراتيجية روسية رئيسية تقع في عمق سيبيريا، خاصة القاذفات “تي يو 95” و”تي يو 22 إم”، وتظهر الأدلة المرئية أنه كان هناك عدد من القاذفات مشتعلة على مدارج القاعدتين.

بالمقارنة مع ذروة القوة الجوية السوفياتية في الحرب الباردة، يعتبر أسطول القاذفات العملياتي الروسي اليوم صغيراً نسبياً، وبالتالي، ألحقت الهجمات الأوكرانية أضراراً، على الأقل على المدى القريب.

قبل الهجوم الأوكراني، قُدِّر أن روسيا كانت تمتلك بين 50 إلى 60 طائرة من طراز “تي يو 95” في الخدمة، مع وجود هياكل إضافية في الاحتياطي أو المخازن، وقد شهد أسطول “تي يو 95” تحديثات عديدة على مر السنوات، مثل النسخة “تي يو 95 إم إس إم”.

أما الطرازات الأقدم مثل “تي يو 95 كيه” و”تي يو 95 إم” فمن المرجح أنها محفوظة في المخازن كاحتياطي استراتيجي.

تشير بعض التقديرات إلى أن روسيا قد تمتلك ما بين 20 إلى 30 طائرة أخرى من طراز “تي يو 95” في المخازن، رغم أن صلاحيتها للطيران تختلف من طائرة إلى أخرى.

قبل الهجوم الأوكراني في الأول من يونيو/حزيران، كانت روسيا تمتلك حوالي 60 إلى 70 طائرة من طراز “تي يو 22 إم” في الخدمة، ويُعتقد أنها تمتلك ما بين 50 إلى 100 هيكل إضافي من هذا الطراز في المخازن.

“مقابر الطائرات”

تشير تقارير غير مؤكدة إلى أن جزءًا كبيرًا من هذه الطائرات المخزنة لا يمكن استخدامها في وضعها الحالي.

ومع ذلك، وبفضل كفاءة القاعدة الصناعية الدفاعية الروسية -كما يعترف بذلك قادة الناتو- فإن موسكو ستكون قادرة على إعادة عدد كبير من هذه الطائرات إلى حالة القتال خلال فترة قصيرة إذا دعت الحاجة.

على غرار الولايات المتحدة، احتفظت القوات المسلحة الروسية بما يُعرف بـ”مقابر الطائرات”، وهي مواقع لتخزين الطائرات غير المستخدمة، خصوصاً في قواعدها الجوية الداخلية مثل تشيبينكي وإنغلز.

تحتوي هذه “المقابر” على النماذج المذكورة من القاذفات، التي لا تستخدم حالياً، ولكن يتم الاحتفاظ بها كاحتياطي استراتيجي لمواجهة أي تصعيد مفاجئ مثل الوضع الحالي.

على الرغم من النجاح الذي حققته روسيا في تجهيز قاعدتها الصناعية الدفاعية للصراع بين القوى العظمى، فإنها تواجه “عنق زجاجة” في مجال أنظمة الإلكترونيات مزدوجة الاستخدام.

ببساطة، روسيا ليست متقدمة في تصنيع الإلكترونيات، خصوصاً المتعلقة بأنظمة الدفاع قصيرة المدى التي كان من الممكن أن تحمي قواعدها الجوية من هجمات المسيّرات الأوكرانية.

علاوة على ذلك، تعد هذه الأنظمة الإلكترونية مزدوجة الاستخدام ضرورية أيضاً لتطوير مكونات الطائرات المقاتلة والقاذفات المطورة.

تأخر إلكتروني

تُعتبر هذه المشكلة المتعلقة بالإلكترونيات مزدوجة الاستخدام -والتي تؤثر على القدرة الإنتاجية للقاعدة الصناعية الدفاعية الروسية- ليست جديدة على الكرملين، بل تعود إلى الحقبة السوفياتية عندما فقد الاتحاد السوفياتي الحرب الباردة إلى حد كبير بسبب عجزه في مجال الإلكترونيات.

ورغم أن الصين كمركز عالمي للتصنيع المتقدم قد استطاعت التعلم كيفية إنتاج مثل هذه الأنظمة الأساسية، لا تزال روسيا متأخرة بشكل ملحوظ مقارنة بالولايات المتحدة والصين، رغم وجود قاعدة هندسية وعلمية فعالة.

مع ذلك، فإن القاعدة الصناعية الدفاعية الروسية مجهزة جيدًا للتعامل مع حرب استنزاف طويلة الأمد مثل تلك التي تخوضها حالياً ضد أوكرانيا.

يؤكد وايكيرت أن أزمة الإلكترونيات مزدوجة الاستخدام ستكون عامل تعقيد في جهود روسيا لإعادة تأهيل أسطول قاذفاتها.

ومع ذلك، فإن قواتها العسكرية لم تتعرض لضربة بالغة كما يدعي بعض المعلقين المؤيدين لأوكرانيا، وبالتأكيد فإن احتمالية تعافيها من هذا الهجوم في فترة قريبة كبيرة.

تظل الحقائق الأساسية لهذا المواجهة تميل لصالح روسيا مقارنة بأوكرانيا وحلف الناتو، فهي أكبر بكثير وتمتلك قاعدة صناعية دفاعية أكثر تقدماً، وأي مشكلات واجهها القوات المسلحة الروسي في الأسابيع الأولى من النزاع تم تجاوزها بشكل كبير.

حتى الضربة التي استهدفت أسطول قاذفاتها -رغم شجاعتها- لن تغير كثيرًا من هذه الحقائق الجوهرية.

ختم المحلل العسكري الأميركي بأن الحل التفاوضي يبقى هو المسار الأمثل لإنهاء هذه الحرب، وإن لم يحدث ذلك، فإنه من المحتمل جداً أن تحقق روسيا انتصاراً عاجلاً أو آجلاً.


رابط المصدر

إعلان

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا