إعلان


تُعتبر تربية دودة القز في أفغانستان حرفة تقليدية راسخة، تُنتج الحرير الطبيعي وتشكل مصدر دخل مهم للأسر الريفية. تنتشر هذه المهنة في ولايات مثل هرات وبلخ وبدخشان، ويعمل بها أكثر من 5000 عائلة. في عام 2022، أدرجت اليونسكو هذه الحرفة ضمن التراث الثقافي غير المادي. تساهم التنمية الاقتصاديةات الحديثة في تحسين الإنتاجية، حيث تشغّل النساء نحو 70% من الأنشطة المرتبطة. رغم المنافسة مع الواردات الصينية، شهدت الصناعة انتعاشاً بنسبة 60% بفضل تحسن الوضع الاجتماعي والماليةي. يعتبر الحرير الأفغاني رمزاً للرفاهية، يُستخدم في منتجات تقليدية متعددة.

كابل– يُعتبر تربية دودة القز من الحرف التقليدية العريقة في أفغانستان، حيث يتم استخدامها لإنتاج الحرير الطبيعي، وتبرز بشكل خاص في ولايات هرات وبلخ وبدخشان، وتعد مصدر دخل رئيسي للأسر الريفية. وتُساهم الظروف المناخية الملائمة لزراعة أشجار التوت – الغذاء الأساسي لدودة القز – في استدامة هذه الحرفة.

آخر تحديثات الأخبار تيليجرامع

إعلان

طبقاً للإحصائيات الرسمية، يعمل أكثر من 5 آلاف عائلة أفغانية في مجال إنتاج الحرير، حيث يتم جمع شرانق دودة القز، ويُغزل حوالي 40% منها إلى خيوط، بينما يُستخدم الباقي في تصنيع الأقمشة المصدَّرة إلى أوروبا. وتُعتبر دودة القز نفسها منتجاً ذا قيمة اقتصادية، إذ يُنتَج نحو 200 طن سنوياً.

في عام 2022، تم إدراج مهنة تربية دودة القز وإنتاج الحرير بالطريقة التقليدية في قائمة التراث الثقافي غير المادي لليونسكو، مما يعكس الأهمية الثقافية والاجتماعية لهذه الحرفة ودورها في تعزيز الهوية الثقافية والتماسك المواطنوني في أفغانستان.

يقول غلام سخي علي زاده، رئيس نقابة عمال الحرير، في حديثه لموقع الجزيرة نت: “لقد قمنا بتربية دودة القز بشكل تقليدي منذ العصور القديمة في أفغانستان، ويعود تاريخ هذه المهنة إلى ما يقرب من 2000 عام. بدأت هذه الصناعة لأول مرة في الصين حوالي عام 2600 قبل الميلاد، ويواجه السنةلون في هذا المجال من الأفغان منافسة شديدة من الواردات الصينية الرخيصة، حيث تواجه الأساليب التقليدية المحلية صعوبات في البقاء.”

عملية إنتاج متقنة

تشير مديرية الزراعة في ولاية هرات، غربي أفغانستان، إلى وجود تحسن ملحوظ في صناعة الحرير وتربية دودة القز مقارنة بالسنة الماضي، حيث تم توزيع أكثر من 6 آلاف صندوق من دودة القز على المزارعين وسكان المناطق الريفية، خاصة في مديرية “زنده جان”.

**داخلية** تربية دودة القز لصناعة الحرير في أفغانستان
تعتبر تربية دودة القز من أقدم الحرف التقليدية في أفغانستان وتشكّل مصدر رزق لآلاف العائلات الريفية (الجزيرة)

يشرح أحمد شاه قيومي، رئيس نقابة مزارعي تربية دودة القز في ولاية هرات، لموقع الجزيرة نت، أن عملية إنتاج الحرير من شرنقة دودة القز تستغرق ما بين 26 يوماً إلى شهر. وقد يصل طول خيط الحرير في الشرنقة إلى ما بين 300 و900 متر، إلا أن خروج الفراشة من الشرنقة يؤدي إلى تمزيق الخيط إلى قطع صغيرة. ويؤكد أن عمر الفراشة البالغة قصير جداً، ويكفي فقط لتمكينها من وضع البيض.

ويؤكد قيومي أن عوامل مثل التغذية المناسبة للديدان، ودرجة الحرارة والرطوبة المثلى، إلى جانب نظافة البيئة، تعدّ من العناصر الحاسمة في تعزيز وزيادة إنتاجية دودة القز.

يوضح أن هذه الحرفة تستفيد من كل أفراد العائلة، فإذا كانت الأسر تمتلك 4 أو 5 صناديق من دودة القز، قد يصل دخلها السنوي إلى 861 دولاراً. ويضيف: “تقوم دودة القز بإنتاج خيوط الحرير عند نسج الشرنقة، ثم يُجمع الشرنق ويُغلى في وعاء كبير لاستخراج خيوط الحرير”.

ميدان جديد لتمكين النساء

يرى خبراء المالية في أفغانستان أن انتعاش هذه المهنة يعود جزئياً إلى عودة النساء للعمل فيها بعد أن كان تم منعهن من الدراسة والعمل بسبب الأوضاع السياسية. وتشير الدراسات الرسمية إلى أن النساء يشاركن في ما يقارب 70% من الأنشطة المرتبطة بتربية دودة القز وجمع الشرانق، مما يجعل من هذه الحرفة مصدراً اقتصادياً مهماً للنساء في المناطق الريفية.

توضح مريم أحمدي، التي تمارس تربية دودة القز منذ 35 عاماً، في مقابلة مع الجزيرة نت: “عائلتي تعمل في هذه الحرفة منذ سنوات. إغلاق المدارس البنات ومنع النساء من العمل كان له أثر كبير في عودة الكثيرات إلى هذه الحرفة. 3 من بناتي يعملن معي الآن، وقد زادت نسبة الإنتاج مقارنة بالسنوات السابقة”.

يؤكد المزارعون ضرورة دعم عمال الحرير وتوفير آلات حديثة، نظراً لأن أغلب السنةلين يستخدمون أدوات قديمة تفوق 30 عاماً. كما يدعون إلى توزيع صناديق إضافية من دودة القز، مما سيساعد على زيادة الإنتاجية ويسمح للمستثمرين بتصدير الحرير الأفغاني إلى الأسواق العالمية.

يضيف رئيس نقابة عمال الحرير في هرات: “إذا تمكنت مديرية الزراعة والمؤسسات ذات الصلة من توزيع 10 آلاف صندوق من دودة القز على المزارعين، فسيحقق ذلك فرص عمل لـ20 ألف شخص، وسيزيد من الدخل بنسبة 35% مقارنة بالسنة الماضي. كما يحتاج بعض الفئة الناشئة والشابات للمشاركة في ندوات توعوية حول دودة القز وأهمية صناعة الحرير”.

الحرير الأفغاني.. رمز الرفاهية والمقاومة

يستخدم الحرير في أفغانستان في مجالات متعددة، وله دور ثقافي واقتصادي خاص في القرى والمناطق الريفية. وتشمل استخداماته تصميم الشالات النسائية التقليدية، والعمائم، والمناديل، وربطات العنق، وقطع السترات، وفساتين الزفاف، والسجاد اليدوي. ويعتبر الحرير في مناطق مثل هرات وقندهار ومزار شريف رمزاً للرفاهية والاحترام.

تربية دودة القز لصناعة الحرير في <a class=

يقول محمد حليمي، مدير دائرة الزراعة في ولاية هرات، في تصريح للجزيرة نت: “رغم أن الصين والهند تهيمنان على القطاع التجاري العالمي للحرير الصناعي، فإن ما يميز الحرير الأفغاني هو أنه طبيعي بالكامل، ولا تدخل في صناعته أي مواد كيميائية. واعتمادنا في أفغانستان على الإنتاج الحرفي يساهم في الحفاظ على الهوية الثقافية للبلاد، ولهذا أُدرجت هذه الحرفة ضمن قائمة التراث من قبل اليونسكو. يتميز الحرير الأفغاني بجودته العالية، ونسجه اللامع والمتين”.

عوامل انتعاش المهنة

شهدت مهنة تربية دودة القز في أفغانستان نشاطاً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، نتيجة لعوامل اقتصادية واجتماعية، بالإضافة لجهود المنظمات الدولية والمحلية. وقد عاد العديد من الفئة الناشئة الذين فقدوا وظائفهم بعد انسحاب القوات الأجنبية إلى هذا القطاع الحيوي.

يقول خبير تربية دودة القز عبد الحكيم باركزاي، للجزيرة نت: “في ولاية هرات، زاد اهتمام الفئة الناشئة بتربية دودة القز بنسبة 60%. وهذه الزيادة تعود لكونها مصدراً مستقراً للدخل للعائلات الفقيرة وارتفاع الطلب على الحرير المحلي، إلى جانب تحسن الأوضاع الاستقرارية، مما سمح بالتنقل في المناطق الريفية حيث توجد أشجار التوت”.

يضيف غلام رباني، مدير قسم صناعة الحرير، في تصريح للجزيرة نت، أن الصناديق الحديثة التي وفرتها مؤسسة أجنبية للمزارعين أثبتت نجاحها، ويوضح أن كل قرية تحتاج إلى ما بين 400 و500 صندوق لتربية دودة القز، إذا توفرت الظروف الملائمة.

ويؤكد أن صناعة الحرير تشهد تحسناً ملحوظاً، حيث زادت إيراداتها بنسبة تتراوح بين 60% و70% مقارنة بالسنوات السابقة، إلا أن دخول السلع الأجنبية إلى القطاع التجاري المحلية لا يزال يعتبر عائقاً أمام نمو المبيعات. ويدعا رباني السلطة التنفيذية الأفغانية بوقف استيراد الأقمشة الأجنبية لإتاحة الفرصة لصناعة الحرير المحلية كي تنمو وتصدر منتجاتها.


رابط المصدر

إعلان

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا