ذكرت صحيفة كالكاليست أن كلفة الحرب الإسرائيلية حتى ديسمبر 2024 تقدر بـ142 مليار شيكل (40.4 مليار دولار)، مع 80% من النفقات عسكرية. الحرب زادت العجز المالي بمقدار 106.2 مليار شيكل (6.2% من الناتج المحلي)، وسجلت خسائر ضريبية بـ22 مليار شيكل. كما أن 17500 جندي جُرحوا، نصفهم يعانون من صدمات نفسية. السلطة التنفيذية خصصت 19 مليار شيكل لإعادة الإعمار، ولكن الأموال تُستخدم لمشاريع مستقبلية عوضًا عن معالجة الدمار الحالي. الأسر تعاني من تآكل الدخل، فيما ارتفعت أسعار السفر، مما يعكس أزمة اقتصادية مستدامة.
ذكرت صحيفة كالكاليست المختصة بالمالية الإسرائيلي أن إجمالي تكلفة الحرب الإسرائيلية حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول 2024 يقدر بحوالي 142 مليار شيكل (40.4 مليار دولار)، مما يجعلها واحدة من أكبر فواتير الحروب في تاريخ إسرائيل. ويشمل هذا الرقم النفقات العسكرية والمدنية ومدفوعات صندوق التعويضات، مع التنويه إلى أن 80% من هذه النفقات كانت عسكرية بحتة.
ونوّهت الصحيفة أن صافي النفقات بعد خصم الدعم الأمريكي بلغ 121.3 مليار شيكل (34.5 مليار دولار). ومن تلك التكلفة، سجل أعلى مستوى للنفقات في ديسمبر/كانون الأول 2023، حيث ارتفعت النفقات في شهر واحد فقط إلى 17.2 مليار شيكل (5 مليارات دولار).
ووفقًا لكالكاليست، ساهمت الحرب في زيادة العجز المالي بمقدار 106.2 مليار شيكل (30.18 مليار دولار)، وهو ما يعادل 6.2% من الناتج المحلي الإجمالي. كما أدت إلى خسائر ضريبية تُقدر بحوالي 22 مليار شيكل (6.25 مليارات دولار).
دين إسرائيل السنة يواجه أيضًا أزمة تضخمية، حيث بلغت فوائد الديون المدفوعة 41.7 مليار شيكل (12 مليار دولار)، بالإضافة إلى مدفوعات قدرها 26.7 مليار شيكل (7.6 مليارات دولار) للمؤسسة الوطنية للتأمين، ومن المتوقع أن تصل الفوائد بحلول نهاية عام 2025 إلى 76 مليار شيكل (21.6 مليار دولار).

جيش من الجرحى ومرضى نفسيين
وذكرت كالكاليست أن عدد جرحى القوات المسلحة الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 بلغ 17500 جندي، منهم 50% يعانون من صدمات نفسية. وتُظهر التقديرات الرسمية أن عدد المعاقين في القوات المسلحة سيتجاوز 100 ألف بحلول 2028.
ولفت أحد المسؤولين في وزارة الدفاع للصحيفة: “نواجه تحديًا ضخمًا لتوفير العلاج النفسي المناسب. الغالبية العظمى من الجرحى من الفئة الناشئة ويعانون من أضرار مركبة”. وبلغت ميزانية قسم التأهيل في وزارة الدفاع 8.3 مليارات شيكل (2.36 مليارات دولار) هذا السنة، مقارنة بـ 5.5 مليارات شيكل في 2023.
في المقابل، لا زال هناك 15% من وظائف الرعاية الطبية النفسية شاغرة، ويقدر عدد المصابين الذين يتواجدون لدى طبيب واحد بحوالي 3200 حالة، وهو رقم يدل على أزمة طويلة الأمد في العلاج والتأهيل، بحسب الصحيفة.
نزيف في قطاع التقنية
رغم أن القطاع التكنولوجي في إسرائيل سجل تمويلات بقيمة 12 مليار دولار في 2024، وانطلقت شركات ناشئة بقيمة 10 مليارات دولار، فإن كالكاليست تبرز أن القطاع فقد أكثر من 8300 متخصص منذ بداية الحرب، مما يعادل 2.1% من القوى السنةلة في هذا القطاع.
وتشارك الصحيفة تجارب من خبراء في الصناعة يشيرون إلى أن “الضرر الحقيقي يكمن في الشركات التي لم تُأسس والشركات التي لم تُطلق”، نتيجة مغادرة المواهب وتأجيل المستثمرين الدوليين لخططهم في القطاع التجاري الإسرائيلية.
أيضًا، أفاد التقرير بأن بعض المؤسسين اختاروا بيع شركاتهم الناشئة بسرعة خوفًا من المستقبل، بدلاً من التوسع داخل إسرائيل.

إعمار لا يلامس الضرر
خصصت السلطة التنفيذية 19 مليار شيكل (5.4 مليارات دولار) في إطار خطة إعادة إعمار غلاف غزة، وفقًا لتقرير منفصل من كالكاليست. لكن التقرير يشير إلى أن الجزء الأكبر من هذا التمويل يُستخدم لمشاريع تنموية مستقبلية بدلاً من معالجة الدمار الفعلي أو الإصابات النفسية.
أنفقت السلطة التنفيذية 8 مليارات شيكل (2.27 مليار دولار) فقط حتى الآن، منها 1.4 مليار شيكل (400 مليون دولار) لإعادة بناء المباني المتضررة و1.8 مليار شيكل (510 مليون دولار) لإسكان النازحين مؤقتًا. شهد عدد الأعمال التجارية في المنطقة انخفاضًا بنسبة 14%، بينما أفاد 70% من أصحاب الأعمال بتراجع في الدخل، و28% شهدوا تراجعًا تجاوز 80%.
تظهر بيانات كالكاليست أيضًا أن معدل الباحثين عن العمل في المنطقة ارتفع بمعدل 2.5 مرة مقارنة بالسنة السابق.
الأسر الإسرائيلية تحت الضغط
تشير كالكاليست إلى أن الأسر الإسرائيلية أصبحت تواجه تآكلًا متسارعًا في الدخل بسبب زيادات ضريبية غير مباشرة وتجميد نقاط الخصم الضريبي.
فقدت الأسرة المتوسطة 7000 شيكل (1989 دولار) في 2025، بينما بلغ الفقد في الأسر الأعلى دخلًا 10000 شيكل (2841 دولار).
وازدادت حالات التأخير في سداد القروض العقارية من 2.7 إلى 3.6 مليارات شيكل، في حين وصلت نسبة القروض الاستهلاكية المتأخرة إلى 1.57% نهاية 2024، مقارنة بـ0.96% في 2022.
تأنذر الصحيفة من أن مئات آلاف جنود الاحتياط الذين تم استدعاؤهم نتج عنه توقف مؤقت لمصادر دخلهم، كما تأثرت وظائف زوجاتهم، ووجد الكثير من السنةلين المستقلين أنفسهم مضطرين لإغلاق أعمالهم.

ارتفاع صاروخي لأسعار السفر
في قطاع الطيران، تشير كالكاليست إلى ارتفاع كبير في أسعار التذاكر نتيجة انسحاب شركات الطيران الأجنبية، حيث زادت تكلفة التذكرة إلى لارنكا عبر “إلعال” من 176 دولارًا في 2023 إلى 326 دولارًا في 2024.
أما أسعار السفر إلى نيويورك، فقد ارتفعت إلى ما بين ألف وألفي دولار، في ظل غياب المنافسة وانخفاض عدد الرحلات. توضح بيانات المكتب المركزي للإحصاء أن الإنفاق على السفر ارتفع بنسبة 6.3% خلال عامين.
على الرغم من عودة بعض الشركات مثل “إير فرانس” و”دلتا” تدريجيًا، إلا أن شركات أخرى مثل “ريان إير” و”بريتيش إيرويز” و”أير كندا” ستظل خارج القطاع التجاري الإسرائيلية حتى نهاية الصيف أو بعده.
تقدم سلسلة تقارير كالكاليست صورة مقلقة للاقتصاد الذي يعاني تحت وطأة أطول حرب في تاريخ إسرائيل. الأرقام تكشف عن أزمة مركّبة لا تتعلق فقط بالخسائر المالية، بل تمتد إلى البنية النفسية والاجتماعية والانتاجية للمجتمع الإسرائيلي.
ورغم محاولات السلطة التنفيذية التجميل عبر دعم قطاعات معينة أو تقديم تعويضات، فإن الضرر الحقيقي سيستمر لعدة عقود قادمة.
كما تساءل محلل في حديثه لكالكاليست: “هل يمكن لأي رقم أن يعيد الثقة المفقودة؟ أو يعوض عن روح قُتلت أو حلم أُجهض؟”.