في مقاله بصحيفة نيويورك تايمز، انتقد توماس فريدمان سلوك القائد الأميركي دونالد ترامب، موضحًا أن محللي وول ستريت بدأوا يستخدمون مصطلح “تجارة تاكو” للتنبؤ بتقارباته التقلبية. لفت إلى تراجع ترامب عن تهديداته، وذكر أمثلة على ذلك، مثل تحولات مواقفه من أوكرانيا وكندا. كما انتقد فريدمان عدم احترام ترامب لهياكل السلطة، مؤكّدًا أن إدارته جاءت بفوضى. وتطرق إلى تأثير الرسوم الجمركية على صناعة السيارات الأميركية وقدرة الولايات المتحدة على المنافسة مع الصين. ختم بتأكيد ضرورة تحسين المنظومة التعليمية الهندسي لضمان مستقبل المالية الأميركي القائم على الذكاء الاصطناعي.
في مقاله الإسبوعي بصحيفة نيويورك تايمز، تناول الكاتب الشهير توماس فريدمان سخرية محللي بورصة وول ستريت من تصرفات القائد الأميركي دونالد ترامب.
وأوضح هؤلاء المحللون أن أفضل وسيلة للتنبؤ بتصرفاته وجني الأرباح منها هي اتباع استراتيجية “تجارة تاكو”، حيث يعني هذا أن “ترامب عادة ما يتراجع عن تهديداته”، لا سيما فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية “المُتهوِّرة”.
ولفت فريدمان إلى أن هذه السخرية من تقلبات ترامب ليست فقط دقيقة، بل تستحق استخدامًا أوسع.
عمد الكاتب إلى ذكر أمثلة توضح تلك التقلبات، حيث لفت إلى أن ترامب يلتفت نحو أوكرانيا، ثم يبتزها للحصول على معادنها النادرة، ليعود بعد ذلك ويتكاتف معها. وفي بعض الأيام، يعتبر القائد الروسي فلاديمير بوتين صديقًا له، ثم يتحول إلى “مجنون” في رأيه.
يواصل فريدمان في عرض هذه الأمثلة ليؤكد أن تصرفات القائد الأميركي “تثير الضحك”، حيث ينقلب ترامب في أحد الأيام ليعلن أن كندا ستكون الولاية الأميركية رقم 51، ثم يفرض عليها الرسوم الجمركية في اليوم التالي.
وفي يوم ما، يتفاخر بأنه يستعين بـ “أفضل” الأشخاص، وبسخرية يتخلص من أكثر من 100 خبير في مجلس الاستقرار القومي الأميركي بعد أسابيع قليلة من توظيف العديد منهم.
يعتقد الكاتب أن القائد يتصرف بناءً على حدسه “غير المنضبط”، دون دراسة كافية أو تنسيق بين المؤسسات الحكومية، مشيرًا إلى أن ترامب “لا يحترم هياكل السلطة التنفيذية” عند اتخاذ القرار، بحيث يجعل صديقه في لعبة الغولف (ستيفن ويتكوف) يقوم بدور وزير الخارجية، بينما يؤدي وزير الخارجية (الرسمي) ماركو روبيو دور سفيره في بنما.
يواصل فريدمان انتقاداته الحادة، منوهًا بأنه يخلط بين واجباته القانونية ومصالحه الشخصية.
فريدمان: أميركا لم تعد تحكمها إدارة تقليدية، بل تديرها منظمة ترامب التي يملكها القائد نفسه
وفي تصور فريدمان، يعني ذلك أن أميركا لم تعد تحت إدارة تقليدية، بل تُدار بواسطة منظمة ترامب التي يمتلكها القائد بنفسه.
عقد مقارنة بين ولايتي ترامب الرئاسيتين، مشيرًا إلى أنه في ولايته الأولى أحاط نفسه بأشخاص ذوي كفاءة ليحمونه من المشاكل، بينما في الثانية اكتفى بالمتملقين الذين يُبالغون في أفعاله.
ويرجع سبب سلوك ترامب إلى ضعف الديمقراطيين، وضعف الجمهوريين، وفساد شركات المحاماة الكبرى، وعجز المسؤولين في السلطة التنفيذية عن القيام بأي شيء فعّال.
انتقد فريدمان قرار ترامب بفرض الرسوم الجمركية، معتبرًا أنها أضرت بصناعة السيارات الأميركية بشكل كبير، حيث صرحت شركات مثل فورد وجنرال موتورز وستيلانتس أنها عاجزة عن تقديم توقعات لأرباحها حتى نهاية عام 2025، بسبب الغموض المرتبط بتطبيق هذه الرسوم والاضطرابات المحتملة في سلاسل الإمداد.
ونوّه أن رد فعل الصين جاء متوقعًا بعد أن فرض ترامب رسومًا جمركية بنسبة 145% على كل صادراتها إلى الولايات المتحدة، مما أدى إلى وقف تصدير المعادن النادرة اللازمة لصناعة السيارات والطائرات من دون طيار والروبوتات والصواريخ التي تنتجها أميركا.
وأضاف فريدمان أن “هوس” ترامب بتدمير صناعة السيارات الكهربائية في أميركا، والتي كان يسعى القائد السابق جو بايدن لبنائها، يقوض جهود الولايات المتحدة لمنافسة الصين في سوق البطاريات.
وفي اعتقاده، فإن البطاريات تمثل “النفط الجديد”، حيث ستدفع النظام الحاكم البيئي الصناعي الجديد للسيارات ذاتية القيادة والروبوتات والطائرات المسيرة والتقنية النظيفة المدعومة بالذكاء الاصطناعي.
وفي هذا السياق، يؤيد فريدمان رأي الكاتب الماليةي نواه سميث بأن نتائج ذلك ستكون ضعف قدرة أميركا على إنتاج طائرات مسيرة رخيصة تعمل بالبطاريات، والتي استخدمتها أوكرانيا مؤخرا لتدمير جزء من الأسطول الجوي الروسي، ويمكن استخدام تلك الطائرات ضد حاملات الطائرات الأميركية كذلك.
استعرض الكاتب بعد ذلك فكرة استراتيجية ترامب المنظومة التعليميةية، مشيرًا إلى أنه لا يمكن لواشنطن أن تفرض قيودًا تجارية فعالة على الصين دون وجود خطة تعليمية تعزز الصناعة المتطورة.
ولفت إلى تركيز الجامعات الصينية على تدريس العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات، حيث تُخرج سنويًا حوالي 3.5 مليون دعا في هذه التخصصات، وهو رقم يقارب عدد خريجي البرامج الأكاديمية في الولايات المتحدة بجميع مستوياتها.
اختتم الكاتب مقاله بالتأكيد على أنه لكي تنافس الولايات المتحدة في اقتصاد المستقبل المعتمد على الذكاء الاصطناعي، ستحتاج إلى سد النقص الكبير في المهندسين، مشيرًا إلى ضرورة قبول عشرات الآلاف من طلاب الهندسة والمهندسين من الصين والهند بشكل خاص.