الإثنين, يونيو 2, 2025
الرئيسية الأخبار ترامب يعيد إحياء حرب الحديد من خلال زيادة التعريفات إلى 50%
ترامب يفجّر حرب الصُلب مجددا برفع التعريفات إلى 50%

ترامب يعيد إحياء حرب الحديد من خلال زيادة التعريفات إلى 50%

42
0
إعلان


في خطوة غير مسبوقة، صرح القائد الأميركي دونالد ترامب عن رفع الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألومنيوم إلى 50% خلال خطاب في منشأة “إيرفين ووركس” بولاية بنسلفانيا. الهدف من القرار هو تأمين شراكة جديدة مع شركة نيبون ستيل اليابانية، تتضمن استثمارات بقيمة 14 مليار دولار في الولايات المتحدة. يأتي هذا بعد جدل طويل حول صفقة استحواذ، وضعت شروطًا صارمة للحفاظ على السيطرة الأميركية. بينما تثير الخطوة غضب الاتحاد الأوروبي، الذي هدد بإجراءات انتقامية، وتخوفات من تأثير سلبي على قطاعات البناء والتصدير في الولايات المتحدة، وسط تحذيرات من حدوث حروب تجارية جديدة.

في فعالية انتخابية غنية بالدلالات السياسية والماليةية، صرح القائد الأميركي دونالد ترامب من منشأة “إيرفين ووركس” التابعة لشركة “يو إس ستيل” قرب بيتسبرغ عن زيادة الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألومنيوم إلى 50%، بعد أن كانت 25%.

إعلان

ولفت ترامب أمام جمهور من العمال قائلاً: “لن ينجح أي شخص بعد الآن في تخطي السياج”، في إشارة إلى أن رفع الرسوم سيحول دون قدرة المنافسين الأجانب على تقويض صناعة الصلب الأميركية.

وفقاً لتقرير صادر عن بلومبيرغ، فإن الهدف المباشر لهذا القرار هو تأمين شراكة مع شركة نيبون ستيل اليابانية، مما يمنحها ميزة تنافسية مشروطة بالتنمية الاقتصادية الكبير داخل الولايات المتحدة.

وأفاد ترامب بأن الشراكة الجديدة ستضمن استثمارات بقيمة 14 مليار دولار خلال 14 شهراً، بما في ذلك:

آخر تحديثات الأخبار تيليجرامع

  • 2.2 مليار دولار لتوسيع الإنتاج في منشآت “مون فالي” في بنسلفانيا.
  • 7 مليارات دولار لتحديث الأفران ومرافق الإنتاج وبناء مصانع جديدة في إنديانا ومينيسوتا وألاباما وأركنساس.
  • 5 مليارات دولار لإنشاء خطوط جديدة لإنتاج الصلب عالي الجودة المخصص للقطاعين الدفاعي والسيارات.
RC2GSEA8PDT9 1748707475
السلطة التنفيذية الأميركية تحتفظ بحقوق إشراف فعلي على إدارة الشركة عبر “السهم الذهبي” (رويترز)

“سهم ذهبي” ومجلس أميركي.. شروط غير مسبوقة

تمت هذه الصفقة بعد جدل استمر لأكثر من عام، منذ أن صرحت شركة نيبون في ديسمبر/كانون الأول 2023 نيتها الاستحواذ الكامل على “يو إس ستيل” مقابل 15 مليار دولار، مما قوبل برفض شديد من إدارة جو بايدن ولاحقاً من ترامب نفسه أثناء حملته الانتخابية.

لكن ترامب أعاد فتح مجال التفاوض، بشرط إعادة هيكلة الصفقة كشراكة تُبقي السيطرة النهائية بيد الأميركيين.

أفادت بلومبيرغ أن الاتفاق الجديد تضمن ما لفت إليه السيناتور الجمهوري ديفيد ماكورماك بأنه “سهم ذهبي” يسمح للحكومة الأميركية بالتحكم في التعيينات في مجلس إدارة الشركة ومنع أي تخفيض في الإنتاج.

وبين الشروط:

  • يجب أن يكون القائد التنفيذي أميركي الجنسية.
  • يجب أن يتكون مجلس الإدارة من أغلبية أميركية.
  • يمنح السلطة التنفيذية الأميركية حق الفيتو على أي تغييرات استراتيجية.
  • يجب الالتزام بعدم تسريح العمال لمدة لا تقل عن 10 سنوات.
  • يجب الحفاظ على الطاقة الإنتاجية الكاملة في أفران الصهر.

يشرف على الصفقة لجنة التنمية الاقتصادية الأجنبي في الولايات المتحدة “سي إف آي يو إس” (CFIUS)، وهي لجنة أمنية تعمل بسرية وتراجع جميع عمليات الاستحواذ الأجنبية ذات الطابع الحساس.

2210418147 1744761255
الاتحاد الأوروبي يعتبر القرار الأميركي تهديدًا لمناخ الثقة والشراكة عبر الأطلسي (غيتي)

أوروبا ترد

أعربت المفوضية الأوروبية بسرعة عن غضبها تجاه القرار الأميركي، موضحة في بيان رسمي، نقله رويترز، أن “زيادة الرسوم الجمركية من 25% إلى 50% تُشكّل تهديدًا إضافيًا للاستقرار الماليةي العالمي”.

ونوّهت المتحدثة باسم المفوضية أن القرار “يُقوّض المحادثات المستمرة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لحل النزاعات التجارية عبر التفاوض”، وأضافت أن المفوضية “أنهت مشاوراتها بشأن إجراءات مضادة”.

من المتوقع أن تبدأ العقوبات الأوروبية الجديدة في 14 يوليو/تموز القادم، وقد تأتي قبل ذلك إذا تصاعد التوتر، وتشمل العقوبات:

  • فرض رسوم انتقامية على الصادرات الأميركية من السيارات والمنتجات الزراعية.
  • إعادة تفعيل نزاعات في منظمة التجارة العالمية.
  • تقييد استيراد معدات الطاقة الأميركية والتقنية العسكرية.

عودة حرب الصين

في تصعيد متزامن، اتهم ترامب بكين بخرق الاتفاق التجاري الذي تم التوصل إليه في جنيف بداية مايو/أيار، قائلاً: “الصين لم تلتزم.. إنها تلعب بنا منذ سنوات”.
وفي توضيح لاحق، أفاد ممثل التجارة الأميركي جيمسون غرير بأن بكين “لم ترفع الحواجز غير الجمركية كما وعدت”، متهمًا إياها بتعطيل دخول الشركات الأميركية إلى القطاع التجاري الصينية.

وردت وزارة التجارة الصينية ببيان دبلوماسي أنذر، دعت فيه واشنطن إلى “احترام التزاماتها والابتعاد عن التصعيد”، مشيرة إلى أن “الولايات المتحدة تستمر في فرض قيود تمييزية على المنتجات والشركات الصينية”.

وفقًا للجمعية العالمية للصلب، فإن الصين تُنتج أكثر من 50% من الصلب العالمي، مما يمنحها تأثيراً كبيرًا على الأسعار العالمية. قد تعني أي مواجهة جديدة في هذا القطاع ارتفاعًا كبيرًا في تكلفة البنية التحتية عالميًا، خصوصًا في الأسواق الناشئة.

الأسواق ترتجف.. أرباح محلية ومخاوف عالمية

على الرغم من الأنذر الدولي، استجابت الأسواق الأميركية بحماس، حيث أفادت بلومبيرغ بما يلي:

  • ارتفعت أسهم “كليفلاند-كليفس” بنسبة 15.3% خلال ساعات ما بعد التداول.
  • سجلت أسهم “ستيل دايناميكس” و”نوكور” زيادة تفوق 5%.
  • تزايد الاهتمام بمؤشرات قطاع الصلب الأميركي في بورصة نيويورك بعد شهور من الركود.

لكن، في الجهة المقابلة، حذّرت شركات البناء من تبعات سلبية على قطاع الإسكان والبنية التحتية، حيث تعتمد الولايات المتحدة على استيراد 17% من احتياجاتها من الصلب من دول مثل كندا والبرازيل والمكسيك.

صرح أحد المقاولين البارزين في تكساس لموقع “كونستركشن دايف” بأنه إذا استمرت هذه الرسوم “فسنرى تباطؤًا في المشاريع السنةة والخاصة.. وأي زيادة في أسعار الصلب ستتحول إلى عبء على المستهلك”.

2217159278 1748707810
الخطاب الانتخابي لترامب يرتكز على استثمار السيادة الماليةية في كسب دعم القواعد الصناعية (الفرنسية)

هل تغيّر ترامب فعلاً؟

قبل أشهر قليلة، كان ترامب من أبرز المعارضين للصفقة المقترحة بين “يو إس ستيل” و”نيبون ستيل”، معتبرًا إياها دليلاً على ما أسماه “تفريط الإدارات السابقة في السيادة الماليةية الأميركية”. وقد نوّه حينها أنه لن يسمح أبدًا لشركة يابانية بـ”السيطرة على صرح صناعي عريق في قلب بنسلفانيا”.

لكن المشهد تغير بشكل جذري في بيتسبرغ، حيث أعاد ترامب من على منصة انتخابية تحمل شعارات “الصلب الأميركي” و”الوظائف الأميركية” تقديم الصفقة نفسها تحت مسمى جديد “استثمار أجنبي تحت رقابة وطنية”، موضحًا أن الاتفاقية المعدلة تمنح السلطة التنفيذية الأميركية سلطات فعلية في التعيينات والإنتاج وتتيح لها ما أطلق عليه “السيطرة الفعلية على الأمور”.

وصرح خلال زيارته قائلاً: “الصفقة تتحسن مع كل جولة من المفاوضات. اليابانيون يستثمرون المال، لكن الأميركيين هم من يحدد القواعد”. وأضاف بثقة: “هذه ليست صفقة بيع، بل شراكة مشروطة، تحت إشراف السلطة التنفيذية الأميركية، وبفوائد فورية للعمال”.

يعكس هذا التحول في موقف ترامب حسابًا دقيقًا بين المالية والإستراتيجية، إذ سعى إلى إعادة إطار السرد السياسي المحيط بالصفقة، بما يتماشى مع حملته الانتخابية التي تركز على فكرة “إعادة التصنيع” و”القيادة الماليةية من الداخل”، وفقًا لمراقبين.

بدلاً من الانسحاب أو التبرير، أظهر نفسه كمفاوض قوي استعاد التزامات من شريك أجنبي لصالح العمال المحليين، مضيفًا الصفقة إلى مشروعه الأوسع ل”إعادة بناء العمود الفقري الصناعي لأميركا”.

بالرغم من التصفيق والهتافات، أبدى بعض العمال تحفظاتهم، حيث قال جوجو بورجيس، عامل صلب وعمدة مدينة واشنطن في بنسلفانيا، لـ”بي بي سي” إنه ليس من المؤيدين لترامب “وصوتي للبقاء مع الديمقراطيين لعقدين، لكن إذا كانت هذه السياسات ستعيد التوازن للصناعة، فلن أعارضها”. وأضاف: “مررنا بطفرة مؤقتة بعد رسوم 2018.. ونأمل أن تكون هذه الصفقة أكثر ديمومة”.

ربح انتخابي أم مغامرة إستراتيجية؟

تمثل قرارات ترامب المتعلقة بالصلب مزيجًا من البراغماتية السياسية والنزعة الحمائية، حيث يستخدم هذا الملف لتعزيز موقعه الانتخابي في الولايات الصناعية المهمة مثل بنسلفانيا وأوهايو، معتمداً على خطاب قومي يتعهد فيه بإعادة أمجاد الصناعة الأميركية.

ومع ذلك، أنذر اقتصاديون ومحللون من أن هذه السياسات قد تؤدي إلى تبعات سلبية واسعة، مثل:

  • اندلاع حروب تجارية: حيث صرحت وكالة رويترز أن المفوضية الأوروبية أعربت عن “أسف شديد” تجاه قرار رفع الرسوم، مهددة بإجراءات انتقامية ينبغي أن تبدأ في 14 يوليو/تموز، مما ينذر بجولة جديدة من التوتر التجاري بين ضفتي الأطلسي.
  • زيادة تكاليف الإنتاج داخل أميركا: وفق تحليل نشرته وكالة بلومبيرغ إيكونوميكس، فإن رفع الرسوم على الصلب سيؤدي إلى ارتفاع تكلفة مشاريع البناء والبنية التحتية بنسبة تصل إلى 12%، نظرًا للاعتماد على واردات تشكل 17% من إجمالي استهلاك الصلب في البلاد.
  • انخفاض في الصادرات الأميركية: لفتت غرفة التجارة الأميركية إلى أن الرسوم المتبادلة قد تهدد نحو 1.2 مليون وظيفة في الصناعات التصديرية، خصوصًا إذا ردت دول مثل كندا والصين والاتحاد الأوروبي بإجراءات انتقامية.

وحسب مجلة “ذي إيكونوميست”، فإن هذه السياسات “قد تمنح ترامب دعمًا لحظيًا في الولايات الصناعية، لكنها تُقوّض النظام الحاكم التجاري العالمي، وتخلف مناخًا من الشك يصعب احتواؤه لاحقًا”.


رابط المصدر

إعلان

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا