موسكو شهدت زيادة ملحوظة في القدرة الإنتاجية للصناعة العسكرية منذ بداية الحرب مع أوكرانيا، حيث تم تحسين الإنتاج وتطوير تقنيات جديدة لمواجهة الدعم العسكري الغربي لكييف. تم تضاعف إنتاج الأسلحة، بما في ذلك الدبابات والطائرات بدون طيار، بمعدلات هائلة. السلطة التنفيذية والمؤسسات الخاصة تعاونا بشكل أكبر في هذا المجال، مما أتاح تحسين الإمدادات للقوات المسلحة. التعاون العسكري مع دول مثل الصين وكوريا الشمالية وإيران تزايد، مع تبادل الخبرات والتقنية. تحديات كبيرة تواجه موسكو في تحقيق أهدافها العسكرية في إطار المواجهة المتصاعد مع أوكرانيا وحلفائها.
موسكو– شهدت القدرة الإنتاجية للتصنيع العسكري الروسي ارتفاعًا ملحوظًا منذ اندلاع الحرب مع أوكرانيا، متزامنًا مع جهود مكثفة من موسكو لإعادة تسليح القوات المسلحة والبحرية لمواجهة التداعيات الناتجة عن الدعم العسكري الغربي لكييف، بوتيرة لم تشهدها البلاد منذ الحرب العالمية الثانية.
مرت الصناعة العسكرية الروسية بمراحل رئيسية متعددة خلال فترة المواجهة مع أوكرانيا:
- في البداية، انصبت الجهود على حشد الموارد المتاحة وتعزيز إنتاج الأسلحة الحالية.
- ثم جاءت مرحلة التكيف مع ظروف القتال الجديدة عبر إدخال تقنيات ومواد حديثة، وتحسين عمليات الإنتاج.
- أما المرحلة الثالثة، فتتمثل في تحديث وتطوير أنظمة الأسلحة الجديدة، بما في ذلك الطائرات بلا طيار وأنظمة الحرب الإلكترونية.
أصبحت المؤسسات الحكومية تلعب دورًا أكبر في إنتاج الأسلحة، بينما تشارك الشركات الخاصة بنشاط في الإنتاج العسكري، حيث تتلقى عقودًا حكومية. وبالتالي، أصبح الإنتاج العسكري الروسي عاملًا حاسمًا في دعم القوات المسلحة خلال الحرب.
https://www.youtube.com/watch?v=nCr1N2uOmek
تأكيد رسمي
نوّه وزير الدفاع السابق سيرغي شويغو، الذي يشغل حاليا منصب سكرتير مجلس الاستقرار الروسي، في تصريح له بنهاية السنة 2023، أن شركات الدفاع الروسية انتقلت إلى نظام العمل على مدار الساعة وضاعفت طاقتها الإنتاجية 4 مرات منذ فبراير/شباط 2022.
كما ذكر أن إنتاج الدبابات زاد بمقدار 5.6 مرات، والمركبات المدرعة بمقدار 3.5 – 3.6 مرات، والطائرات بلا طيار بمقدار 16.8 مرة، وذخيرة المدفعية بمقدار 17.5 مرة.
ولفت إلى أن القوات البرية حصلت على 1530 دبابة جديدة ومحدثة، وأكثر من 2500 مركبة قتالية للمشاة وناقلة جنود مدرعة، بينما حصلت القوات الجوية الفضائية على 237 طائرة ومروحية، وحصلت البحرية الروسية على 8 سفن و4 غواصات متعددة الأغراض وغواصة نووية استراتيجية.

تحديات الحرب
يشرح الخبير العسكري يوري كنوتوف أن الإنتاج العسكري الروسي قد شهد تغيرات كبيرة منذ بداية الحرب في أوكرانيا، تضمنت توسيع الطاقة الإنتاجية بسرعة والتحويل نحو إنتاج الذخائر والمعدات العسكرية والأسلحة الضرورية لاستمرار الحرب.
وفقًا له، فإن أهم هذه التغيرات تكمن في تكثيف الإنتاج، حيث تحولت المصانع التي كانت تنتج السلع المدنية سابقًا إلى إنتاج الأسلحة، إضافة إلى تحديث المصانع القديمة وتحويلها نحو الطلبات العسكرية.
يضيف أن حجم إنتاج المعدات العسكرية والذخائر وغيرها من الأسلحة ارتفع بشكل ملحوظ مقارنة بمستوى ما قبل الحرب، إلى جانب إدخال وتطوير وتحسين كفاءة الإنتاج وجودة المنتج من خلال تقنيات جديدة.
ويشير إلى أن “عقيدة التصنيع العسكري” خلال الحرب قد شملت إعادة التوجيه نحو الاعتماد على الموارد المحلية، موضحًا أنه “بسبب العقوبات، تم استبدال معظم المكونات المستوردة بأخرى محلية، ما أدى إلى بعض المشكلات المتعلقة بجودة وموثوقية المنتجات، لكنه في الوقت نفسه عزز من الاستقلال عن الموردين الأجانب”.
يعتبر أن أوكرانيا أصبحت “مختبرًا حيًا” لاختبار وتطبيق أحدث أنظمة الأسلحة والمعدات العسكرية الغربية، بما في ذلك تلك التي لا تزال قيد التطوير، كما بدأت التقنيات الحديثة تلعب دورًا مهمًا في المواجهة، مثل الأنظمة غير المأهولة، والشبكة العنكبوتية، والذكاء الاصطناعي، وأنظمة الحرب الإلكترونية.
وبالتالي، أصبح أمام التصنيع العسكري الروسي تحديًا كبيرًا في سياق تحقيق أهداف العملية العسكرية الخاصة، والذي يتطلب تحقيق قفزة نوعية unprecedented في حرب العقول بين روسيا وأوكرانيا وحلفائها.
https://www.youtube.com/watch?v=PHvI4i0nQx0
التعاون مع الشركاء
يلاحظ العديد من المراقبين الروس أن تركيز الاتحاد الأوروبي ينصب على تعزيز قدراته لمواجهة القوات الروسية في أوكرانيا، وتطوير التعاون مع كييف من خلال تزويدها بالتقنيات الحديثة، مما حولها -وفق تعريف هؤلاء- إلى “وادي السيليكون” للابتكارات العسكرية الغربية.
من هنا يتضح الموقف المقابل لروسيا بشأن علاقات التعاون في المجالات العسكرية والتكنولوجية مع الدول التي تعتبر شريكة لها في مواجهة الهيمنة الأحادية، وأبرزها الصين وكوريا الشمالية وإيران.
على الرغم من عدم وجود معلومات رسمية محددة حول التعاون بالتصنيع العسكري، إلا أن هناك اعترافًا متزايدًا بوجود علاقات عسكرية وثيقة مع هذه الدول.
بشأن ذلك، يقول الخبير في الشؤون الاستراتيجية أركادي سيميبراتوف أن التعاون مع هذه الدول يتمثل في تعزيز العلاقات العسكرية وتبادل الخبرات، وأحيانًا توريد المعدات العسكرية.
وفيما يتعلق بالصين، يشير المتحدث إلى أن التعاون معها يشمل مجالات متنوعة، بما في ذلك التدريبات العسكرية المشتركة، وتبادل المعلومات والتقنية، وكذلك توريد المعدات العسكرية، ويعتبر أن “هذا التحالف ينظر إليه غالبًا كثقل موازن للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي”.
بالنسبة لكوريا الشمالية، فإن زيادة التعاون يرتبط بالمواجهة في أوكرانيا، حيث تم تداول معلومات تفيد بأن كوريا الشمالية تقدم الذخائر لروسيا، بالإضافة إلى مشاركة جنود كوريين شماليين في المعارك، كما حدث في معركة استعادة مقاطعة كورسك مؤخرًا، مشيرًا إلى أنه في عام 2024 تم توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية شاملة تنص على المساعدة العسكرية المتبادلة بين البلدين.
أما إيران، فهي تلعب دورًا أساسيًا في توفير الأسلحة والتقنيات التي تسهم في تحديث جيشها، بينما تساهم هي بدورها في تزويد روسيا بالطائرات بلا طيار وغيرها من التقنية العسكرية.