إعلان

“تحديث قضائي” سلسلة من الأخبار والتقارير من أروقة المحاكم اليمنية والتي تهتم بنصوص تشريعية في القانون اليمني وننقلها للجمهور لأهميتها خاصة مع ازدياد الاحداث الخارجة عن القانون في اليمن اليوم.

لايجوز الاكتفاء بحكم البراءة في قضايا القتل بقلم القاضي مازن امين الشيباني:

عندما يقدم متهم امام المحكمة بقضية قتل شخص، وبعد المحاكمة حكمت المحكمة ببراءة هذا المتهم او المتهمين وقضت ببرائتهم جميعا من جريمة القتل وكان حكمها مبنيا على اساس عدم توافر الادلة قبله او قبلهم

إعلان

هنا لا يجوز للمحكمة ان تكتفي بحكم البراءة وانما يجب عليها ان تبين مصير دم المجني عليه استنادا للقاعدة المعروفة (لا يطل دم في الاسلام) اي لا يهدر دم في الاسلام

فهناك شخص قتيل، ودمه لا يجوز ان يذهب هدرا بحيث لا قصاص ولا دية

ولذلك عندما تحكم المحكمة ببراءة المتهم من جريمة القتل وقام حكمها على اساس عدم توافر الأدلة التي تثبت ارتكابه للجريمة فهنا يجب على المحكمة ان تقرر ايضا احد امور ثلاثة.

الاول:- وهو ان تقرر المحكمة التصدي لمتهم او متهمين قام لديها احتمال انهم هم من قاموا بارتكاب جريمة القتل وتعيد الملف للنيابة العامة للتحقيق معهم.

الثاني :- ان تقرر حسم الدعوى بالقسامة اذا طلب ذلك اولياء الدم، وهي لا تقرر القسامة من تلقاء نفسها الا اذا طلبها اولياء الدم عملا بنص المادة ٣٠٣ من قانون الاجراءات الجزائية والتي نصت بقولها ((اذا طلب اولياء الدم اثبات دعواهم بالقسامة، وتحققت شروطها الشرعية يصدر القاضي قرار بتكليفهم بتقديم كشف موقع عليه منهم، او من يمثلهم شرعا، يبينون فيه اسماء خمسين رجال مكلفا من بين من يوجهون اليهم تهمة القتل او الجرح للحلف ويبين امام اسم كل شخص مهنته ومحل اقامته وصلته..الخ))
والقسامة عرفتها المادة ٨١ من قانون الجرائم والعقوبات بقولها ((القسامة ايمان يحلفها المتهمون عند وجود قتيل او جريح ولم يتحقق الجاني بدليل شرعي وذلك لنفي التهام عنهم وتوجب الدية او الرش مع الحلف ول اعتبار للنكول ولا قسامه في جرح دون الموضحه او في ضرب او اعتداء او ايذاء مالم يؤدى الى الموت ول تقبل شهادة اهل القسامة ولو سقطت عنهم))

الثالث :- ان تحكم بالدية على بيت المال عملا بنص المادة ٨٧ من قانون الجرائم والعقوبات

يجب على المحكمة ان تقرر في حكمها مصير دم المجني عليه باحد الثلاثة الخيارات، لأنه لا يهدر دم معصوم في الاسلام

فاما ان تقرر المحكمة التصدي لشخص قام لديها احتمال انه هو القاتل وتحيله للنيابة للتحقيق والتصرف بشأنه

او ان تقرر حسم القضية بالقسامة

او ان تحكم بالدية على بيت المال اذا استحال معرفة الفاعل ولم تتحقق شروط القسامة.

هناك شخص سفك دمه، فما مصير دمه،
الا ان قضاء المحكمة باحد الخيارات الثلاثة له ضوابط وشروط اهمها

ما يلي:-
1- ان يكون المجني عليه معصوم الدم والانسان المعصوم الدم هو أحد اصناف اربعة حددتهم المادة ٢٣١ من قانون الجرائم والعقوبات وهم.

– المسلم ايا كانت جنسيته
– اليمني ايا كانت ديانته
– من ينتمي الى دولة معاهدة غير محاربة او بينها وبين اليمن هدنة
– من دخل الجمهورية بأمان ولو كان منتمي لدولة محاربة

2- الشرط الثاني ان يثبت ان الواقعة قتل عمد، اما اذا كان تقرير الطبيب الشرعي قد شكك بسبب الوفاة واوجد احتمال ان يكون سبب الوفاة ليس بفعل فاعل فهنا يحكم بالبراءة لعدم قيام الجريمة ذاتها ولا مجال للحديث عن تصدي او قسامة او دية على بيت المال، واما اذا كان البين ان القتل خطأ كأن يوجد شخص متوفي في طريق السيارات بسبب حادث مروري وهرب السائق فهنا يجب على المحكمة عندما تحكم بالبراءة ان تقرر دية الخطأ على بيت المال.

3- ان يكون الحكم صدر بالبراءة من الجريمة، وهذا يعني ان الحكم اذا صدر بالادانة ولكنه قضى كذلك بسقوط القصاص او امتناعه فان الأمر ينتهي عند هذا الحد ولا مجال للحديث عن تصدي او قسامة او دية على بيت المال.

4- ان يكون سبب الحكم بالبراءة هو عدم توافر الدليل الذي يثبت قيام المتهم بارتكاب الجريمة، اما اذا كان سبب الحكم غير ذلك فلا يطبق هذا الامر، مثل ان تقضي المحكمة بالبراءة لثبوت قيام حالة الدفاع الشرعي او اي سبب اخر فان هذا يعني ان المحكمة قد حسمت الامر وانهت القضية، ولا مجال للحديث عن تصدي او قسامة او دية على بيت المال.

5- الا يكون قد حكم على متهم اخر بالادانة في هذه الجريمة نفسها، اما اذا حكم على متهم اخر بالادانة فان الفاعل المحكوم عليه هو من يتحمل تبعة سفكه لدم المجني عليه قصاصا او دية.

اذا تحققت الشروط الخمسة وجب على المحكمة عند الحكم ببراءة المتهم من جريمة قتل المجني عليه ان تقرر في حكمها مصير دم المجني عليه ومن الذي يتحمل تبعته ولا يجوز الاكتفاء بحكم البراءة واهدار دم المجني عليه.

فاما ان تتصدى لمتهم او متهمين اخرين قام لديها احتمال انهم هم الفاعلين.

او ان تقرر حسم الدعوى بالقسامة اذا تحققت شروطها
او ان تحكم بالدية على بيت المال، ومبرر الحكم على بيت المال هو ان الدولة تقوم بجباية الزكاة وجباية الضرائب وهي من يسهر على حفظ امن المجتمع وتتبع الجناة وتطبيق حكم الشرع عليهم وتسهر على مصالح الناس واقامة العدالة بينهم، فان لم تقم الدولة بضبط الجاني الحقيقي وتقديمه للعدالة فعليها ان تتحمل تبعة تقصيرها وتلزم بدفع الدية عملا بنص المادة ٨٧ عقوبات التي نصت بقولها ((اذا وجد القتيل في موضع لا يختص به احد او اختص باناس غير محصورين كانت الدية على بيت المال)).

والله تعالى اعلم
دمتم برعاية الله…

منقول أ. أكرم محمد الردماني

إعلان

اترك هنا تعليقك وشاركنا رأيك