حكم الشرط عند فسخ الزواج للكراهية أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء.
الشرط: هو مبلغ مالي يشترط ولي الزوجة ان يدفعه إليه الزوج مقابل تكاليف تجهيز الزوجة للزفاف وتكاليف زفافها إلى زوجها مثل تكاليف القاعات والمغنيات والوجبات وغيرها ، ومبلغ الشرط لا يتم تسليمه إلى الزوجة وإنما لوليها الذي يصرفه في تكاليف تجهيز الزوجة العروس وزفافها ، ومع أن المادة (54) أحوال شخصية قد صرحت بأن الزوجة لا يلزمها أن ترجع إلا المهر فقط عند فسخ زواجها بسبب الكراهية إلا أن المحكمة العليا خلال الفترات السابقة لعام 2002م كانت تقضي بأنه يلزم الزوجة أن ترجع إلى زوجها نصف الشرط بالإضافة إلى المهر المسمى المسلم إليها نظراً لتكاليف الزواج الباهظة التي يتكبدها الزوج والتي قد تبلغ أضعافاً مضاعفة قياسا بالمهر بسبب المبالغة في حفلات الزفاف، بيد أن المحكمة العليا بعد 2002م قد استقر قضاؤها على أنه لا يلزم الزوجة أن ترجع إلا المهر فقط المسمى في عقد زواجها الذي سبق للزوج تسليمه ، ومن الأحكام الصادرة في هذا الشأن الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 3-9-2013م في الطعن رقم (52690)، المسبوق بالحكم الابتدائي الذي قضى )بإلزام الزوجة بإرجاع مبلغ الشرط المدفوع لأبيها وهو مبلغ (200,000) ريالا)، وعند إستئناف الحكم الابتدائي قضت الشعبة الاستئنافية
الشخصية بأنه: لا يلزم الزوجة إلا إرجاع المهر المسمى في عقد الزواج الذي سبق للزوج تسليمه، ولا يلزمها أن تدفع مبلغ الشرط، وقد ورد ضمن أسباب الحكم الاستئنافي (أن الحكم الابتدائي في قضائه بإلزام الزوجة بإرجاع الشرط قد خالف نص المادة (54) من قانون الأحوال الشخصية، ولذلك فأنه لا يلزم الزوجة إلا إرجاع ما دُفع لها كمهر وأن المبلغ المدفوع لها كمهر هو….)، وعند الطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي أقرت الدائرة الشخصية الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا: ((اما من ناحية الموضوع فقد تبين للدائرة: أن الطعن لم يتضمن أي سبب من أسباب الطعن بالنقض مما يستوجب طرحه، وحيث أن الحكم المطعون فيه جاء موافقاً في نتيجته للشرع والقانون فأنه يتعين رفض الطعن))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:
الوجه الأول: ما يلزم الزوجة إرجاعه عند فسخ زواجها للكراهية في قانون الأحوال الشخصية
بينت ذلك المادة (54) أحوال شخصية التي نصت على أنه (إذا طلبت المرأة الحكم بالفسخ للكراهية وجب على القاضي أن يتحرى السبب فإن ثبت له عين حكماً من أهل الزوج وحكماً من أهلها للإصلاح بينهما وإلا أمر الزوج بالطلاق فإن امتنع حكم بالفسخ وعليها أن ترجع المهر)، فهذا النص لم يلزم المرأة إلا بإرجاع المهر فقط، وقد استند الحكم الاستئنافي وحكم المحكمة العليا محل تعليقنا إلى هذا النص في قضائهما بأنه لا يلزم المرأة إلا إرجاع المهر فقط عند فسخ زواجها بسبب الكراهية، لأن المهر فقط هو الذي يتم تسليمه للزوجة فتستفيد منه، اما مبلغ الشرط فيتم صرفه في إقامة الحفلات واجور المغنيات والقاعات والوجبات وغيرها، مما لا تستفيد منه الزوجة حسبما ورد ضمن أسباب الحكم الاستئنافي الذي أقره حكم المحكمة العليا.
الوجه الثاني: سبب إجتهاد المحكمة العليا السابق خلال الفترة السابقة 2002م بإلزام الزوجة بإرجاع نصف الشرط
من خلال المطالعة المستمرة والكثيرة لأحكام المحكمة العليا يظهر أنها كانت تقضي خلال الفترة السابقة 2002م بإلزام الزوجة بإعادة نصف الشرط بالإضافة إلى المهر عند فسخ عقد زواجها بسبب الكراهية، لأن الفسخ يأتي في هذه الحالة من قبل الزوجة وليس الزوج إضافة إلى تكاليف الزواج الباهظة التي يدفعها الزوج بالإضافة إلى المهر سواء تلك التكاليف التي يدفعها الزوج لتغطية الحفلات الخاصة به كالذبائح والقاعات والقات والنشادين والمغنين أو تلك التكاليف التي يدفعها الزوج لولي الزوجة لتغطية تكاليف حفلات النساء، بيد أن المحكمة العليا بعد 2002م قد اتجهت في قضائها إلى عدم إلزام الزوجة إلا بإرجاع المهر فقط عند فسخ زواجها بسبب الكراهية، وهذا اتجاه سديد، والله اعلم .
منقول أ. اكرم الردماني