جواز بيع المورث إلى وارثه شريطة عدم الحيلة
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء.
▪️يجوز للمورث البيع إلى وارثه شريطة أن يكون هذا البيع حقيقياً وليس صورياً، وشريطة أن لا ينطوي هذا البيع على حيلة على بقية الورثة، ويجوز ان يكون ثمن المبيع دينا اكيدا في ذمة المورث لوارثه، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 14-12-2011م في الطعن رقم (43471)، المسبوق بالحكم الاستئنافي الذي قضى بأن (التصرف الحاصل من المورث لم يكن منطوياً على الحيلة وإنما كان لتبرئة ذمته من الحقوق التي عليه لابنته وزوجته، فالقانون لم يمنع بيع المورث إلى وارثه طالما أنه لم ينطو على الحيلة)، وقد اقرت الدائرة الشخصية الحكم الاستئنافي، وورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا: ((فقد وجدت الدائرة: الحكم الاستئنافي موافقاً من حيث النتيجة لأحكام الشرع والقانون فيما توصل إليه الحكم بصحة التصرف الحاصل من مورث الطرفين لما أوضحه الحكم واستند إليه، حيث لم يكن ذلك التصرف منطواً على الحيلة وإنما كان لتبرئة ذمته من حقوق عليه لابنته وزوجته، ومن ثم فلا تأثير لما اثير في الطعن بشأن ذلك))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:
الوجه الأول: جواز بيع المورث إلى وارثه شريطة عدم الحيلة:
▪️قضى الحكم محل تعليقنا بجواز قيام المورث ببيع بعض أمواله إلى وارثه شريطة عدم الحيلة في هذا البيع، ويكون بيع المورث خاليا من الحيلة حينما يكون بيع المورث لوارثه حقيقياً وليس صورياً، فالقانون المدني اجاز للوالد أن يقوم ببيع بعض ماله لابنه القاصر حسبما هو مقرر في المادة (464) مدني التي نصت على أنه (يصح بيع الوالد ماله لولده المشمول بولايته، وبيع مال أحد الولدين للآخر بشرط القبول من منصوب القاضي الذي يقبل البيع عن الصغير ثم يسلمه بعد ذلك لوالده ليحفظه لولده، ويشترط أن لا يكون البيع منطوياً على حيلة، وحكم الوصي حكم من اختاره)، فهذا النص يقرر جواز أن يقوم الوالد وهو المورث ببيع ماله إلى ولده وهو (الوارث)، وعلى هذا الأساس فيجوز للمورث أن يقوم ببيع بعض ماله إلى أي من ورثته كبيع المورث بعض ماله لزوجته أو ابنته حسبما ورد في الحكم محل تعليقنا.
الوجه الثاني: الثمن في بيع المورث لوارثه:
▪️كان الحكم محل تعليقنا قد قضى بان تصرف الزوج المورث إلى زوجته جائز براءة لذمة المورث مقابل الديون الثابتة بذمة الزوج المورث لزوجته وابنته ، فطالما كان من الثابت أن الزوجة والابنة كانتا قد دفعت إلى المورث مبالغ تساوي القيمة الحقيقية للمبيع فإن هذا البيع جائز، لأنه لم ينطو على حيلة حسبما هو مقرر في المادة (464) مدني السابق ذكرها في الوجه الأول، فالديون الثابتة بذمة المورث لوارثه تصلح أن تكون ثمنا للبيع الذي يصدر من المورث لوارثه، بل أن الثمن في الشريعة والقانون يجوز أن يكون منفعة قام بها الوارث لحساب مورثه شريطة أن تكون قيمة هذه المنفعة مساوية للثمن الحقيقي للمبيع، وشريطة أن يكون من الثابت أن المورث قد قام بالفعل بالخدمة أو المنفعة لمورثه .
الوجه الثالث: صور الحيلة في بيع المورث لوارثه:
▪️تتعدد صور الحيلة منها: أن يكون البيع صورياً أي عدم وجود ثمن للمبيع أو أن يكون الثمن تافهاً لا يساوي القيمة الحقيقية للمبيع أو أن يكون الوارث عديم المال كالمفلس والمعسر أو غير القادر على العمل والكسب ولا مال له، والله اعلم .
منقول: أ. اكرم الردماني