إعلان

إشتراط الزوجة البقاء في بيت والدها
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

اجاز قانون الأحوال الشخصية للزوجة أن تشترط وقت العقد البقاء في بيت والدها أو بيتها، وذلك يعني أن الزوج قد تنازل عن حقه في إنتقال الزوجة إلى منزله كما أن ذلك يعني أيضا أن الزوجة قد تنازلت عن حقها في السكن الشرعي ، غير أن اذلك لا يعني تنازل الزوجة عن بقية النفقات المقررة لها كالغذاء والكسوة والعلاج والاخدام، وقد اشار إلى هذه المسألة الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 19-5-2013م في الطعن رقم (52364)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((اما من حيث الموضوع فقد تبين للدائرة: أن الطاعن ينعي على الحكم محل الطعن أنه قد استنتج النتائج من مصدر غير موجود في الأوراق وهو بقاء الزوجة في بيت أهلها بحسب الإتفاق عند العقد، وفي ضوء ما ورد في عريضة الطعن ورد المطعون ضدها تجد الدائرة: أن ذلك النعي في غير محله، إذ أن محكمة الموضوع قد ناقشت تلك الوقائع مناقشة قانونية وتوصلت إلى نتيجة موافقة للشرع والقانون)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

إعلان

الوجه الأول: جواز اشتراط الزوجة البقاء في دارها أو دار أهلها وعدم الإنتقال إلى منزل الزوج:

الأصل أن من حقوق الزوج على زوجته أن تنتقل إلى منزل زوجها أو منزل الزوجية للإقامة مع زوجها ، ومع ذلك فأنه يجوز للزوجة حين العقد ان تشترط البقاء في بيتها أو بيت أهلها، حسبما هو مقرر في المادة (40) أحوال شخصية التي نصت على أن : للزوج على الزوجة (-1- الإنتقال معه إلى منزل الزوجية مالم تكن قد اشترطت عليه في العقد البقاء في منزلها أو منزل اسرتها، فيكون عليها تمكينه من السكن معها والدخول عليها)، فهذا النص قرر أن الأصل أن تنتقل الزوجة إلى منزل زوجها لإقامة أسرة قوامها حسن العشرة، بيد أن النص القانوني السابق ذاته قد اجاز للزوجة أن تشترط عند إبرام عقد الزواج عدم الانتقال إلى منزل الزوج والبقاء في منزلها أو منزل أهلها، وعندئذٍ يجب عليها أن تمكن الزوج من السكن معها في مسكنها أو مسكن أهلها، وكذا يجب عليها أن تمكن زوجها من نفسها حسبما ورد في النص السابق.

الوجه الثاني: وقت اشتراط الزوجة البقاء في دارها أو دار أهلها وكتابة الشرط في عقد الزواج :

ورد في نص المادة (40) أحوال شخصية أن اشتراط الزوجة البقاء في دارها أو دار أهلها ينبغي أن يتم عند إبرام عقد الزواج، وأن يتم تضمين عقد الزواج هذا الشرط، وهذا هو المفهوم من العبارة الواردة في النص وهي عبارة (مالم تكن قد اشترطت عليه في العقد البقاء في منزلها أو منزل أسرتها)، وقد أخذ قانون الأحوال الشخصية في ذلك أخذ بقول الفقهاء الذين ذهبوا إلى جواز الشروط في عقد الزواج إذا كان في تلك الشروط مصلحة مشروعة لأحد الزوجين، فقد ذهب هؤلاء الفقهاء إلى أن الشرط في عقد الزواج لا يكون معتبراً ولازماً إلا إذا تم الشرط عند إبرام عقد الزواج وانصرف إليه الإيجاب والقبول وتعلق الشرط بهما، ولذلك فأنه ينبغي تضمين عقد الزواج الشروط التي تشترطها الزوجة كشرط البقاء في دارها أو دار أهلها أو استكمال دراستها أو مواصلة العمل في وظيفتها وغير ذلك من الشروط المعتبرة.

مستجدات سوق الطاقة العالمية

0
شهد سوق الطاقة العالمية خلال الشهر الماضي تطورات متسارعة، حيث تأثرت الأسعار والإمدادات بمجموعة من العوامل الجيوسياسية والاقتصادية والمناخية. وشملت هذه التطورات ارتفاع أسعار...

جدول المحتويات

وقد كان نموذج عقد الزواج المعمول به في اليمن خالياً من حيز لكتابة الشروط في عقد الزواج، ولذلك فقد كان الأمين الشرعي يكتب الشرط خلف عقد الزواج للتأكيد على أن الشرط قد تم ابداؤه عند إبرام العقد، وفي عام 2022م قامت وزارة العدل مشكورة بتعديل نموذج عقد الزواج وتضمينه حيزاً لتدوين الشروط التي قد يتم اشتراطها عند إبرام عقد الزواج.

الوجه الثالث: آثار اشتراط الزوجة البقاء في دارها أو دار أهلها:

إذا اشترطت الزوجة البقاء في دارها أو دار أهلها فأنه يترتب على ذلك عدة آثار من أهمها: لزوم هذا الشرط بالنسبة للزوج فلايحق للزوج مطالبة الزوجة بالانتقال إلى منزله، وبالمقابل لايجوز للزوجة مطالبة الزوج بنفقة السكن أو بدل السكن غير أن حقوق الزوجة في النفقات الأخرى لا تسقط كحقها في نفقة الغذاء والكسوة والعلاج والاخدام، لأن الزوج في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا كان يجادل بأنه غير ملزم بأي نفقة طالما أن الزوجة قد اشترطت البقاء في دار أهلها غير أن الحكم محل تعليقنا قضى بأنه يجب على الزوج الإنفاق على زوجته بالنفقات الأخرى غير نفقة السكن.

ومما يجدر ذكره أنه يجوز للزوجة العدول أو التنازل عن شرط البقاء في منزلها الذي اشترطته لمصلحتها، فالشرط مقرر لمصلحتها ومن حقها، ولذلك فعدول الزوجة عن الشرط جائز ، ومؤدى ذلك أنه يجوز للزوجة المطالبة بالإنتقال إلى منزل الزوجية، بخلاف لو كان الزوج هو المشترط لذلك، فعندئذٍ يجب عليها الإلتزام بالشرط، والله اعلم .

إعلان

اترك هنا تعليقك وشاركنا رأيك