الى اليوم شقاة باليومية!!!!!
عندما اشاهد حالنا اليوم افهم، لماذا لم نفلح منذ ١٥ قرن؟ فالاحباش سيطروا على اليمن، ولم نكن قلة وانما مثل اليوم، وبعدها الفرس، وبعدها قريش والاتراك وغيرهم برغم امتلاكنا كل مقومات ان نكن امبراطورية وقتها. وعلى سبيل المثال قبيلة يمنية واحدة-بجيلة – كانت ثلث الجيش في القادسية ولم اذكر بقية القبائل اليمنية لكن كانوا شقاة باليومية، وفي اليرموك كان اغلب الجيش قبائل يمنية وغيرها لكن كانوا شقاة باليومية.
في الوقت الذي كانت قريش تطمح لبناء حقبة جديدة وتهدم امبراطوريتين ونحن نطمح نكن فقط شقاة باليومية. دخلت قريش الاسلام بعدنا وصارت الى اليوم مركز المنطقة كمملكة وتنافس امم، والاتراك، وايران، واثيوبيا، والامارات، وحتى قطر الكل يطمح وهذا حقهم، ونحن لازال طمحونا نكن شقاة باليومية عند الغير حتى في بلدنا.
يظل في ابناء اليمن خصلة غريبة الى اليوم، وهي انهم يحاربون بعضهم بعض ويستبسلون على مر التاريخ، وكل واحد منهم ينافس يمني اخر ويريده ان يفشل وبشدة ليشبع غروره، ولذا نجحوا فقط في اعاقة بعضهم بعض فكانوا اسهل فريسة لغيرهم. فمثلا لم يطمحوا يكن واحد منهم في راس الدولة الاسلامية برغم انهم عرفوا الدولة وتركيبها قبل غيرهم وابنائهم بعدد الحصى في الجيوش المختلفة، بمعنى في كل تاريخهم كانوا شقاة مع غيرهم والى اليوم باليومية. فالخلافة الاسلامية والاموية والعباسية كانت في قريش، وحتى في الاندلس على سبيل المثال كانوا اكثر تفوق وعدد، ولكن ما ان وصل اليهم قريشي، وهو الداخل اليها هارب حتى صاروا شقاة معه باليومية، ولقرون بعده.
عني معجب بالتاريخ التركي لانه وجد من الصفر، ومابين القبيلة والدولة اقل من جيل فقط. فمن ارطغرال ولدت الفكرة ومع ابنه كانت ميلاد دولة سوف تغير التاريخ واوروبا. فالاتراك انتزعوا الخلافة مثلا في منطقة صراع واسسوا دولة من بين التتار والسلاجقة والروم واصبحوا خلافة بجهد ومثابرة وبقيم وفضيلة. والمماليك سيطروا على العالم الاسلامي وتركوا اثر. والتتار بعد ماعصدوا العالم اسلموا، وسيطروا على الهند والسند وغيرها وتركوا اثر، ونحن لازلنا ندور واحد من قريش او من الخارج الى اليوم نشقي معه باليومية، ونشغل حالنا بمفهوم وسلوك من منا يرتزق اكثر على حساب بناء دولة نكبر بها وتكبر بنا بين الامم.
فمن دون زعل انظروا لحالنا، فالكثير من ابناء اليمن لا يحلمون الا ان يكونوا مجرد اتباع اي شقاة باليومية عند الجوار او عند ايران او عند غيرهم، نخب وقيادات وحتى شيوخ وعسكر. قيادات البلد ايضا لا تشاهد على وجوهم عزة النفس، ولا قوة اليمن، ولا اثار التاريخ، ولا الشغف الى امتلاك القرار، او القدرة والمعرفة. والله الشاهد ان الانسان يخجل انهم دائما اصحاب ثقافة استجداء، وليسوا اصحاب مبادرة او مشروع، حتى احلام النخب لم ترتقي ان تكون مبادرة او مشروع يمني بحت، وانما اصحاب مشاريع استجداء واستعطاف ان كبرت. وحتى في مبادرتنا كنخب، كل مجموعة تسفه المجموعة الاخرى، او تتهمها او تتجاهلها لنثير اعجاب الغير بفكرنا اننا نفهم او اننا محور ارتكاز، او نحاول نحبط بعضنا بعض لنفشل كنخب، فينتهي بنا المطاف ان نكن شقاة باليومية كقدر ولعقود قادمة. نحتاج فعلا مصحات نفسية لنعرف معنى الدولة، والتدافع لبنائها، واننا اليوم بسلوكنا، ونهجنا، وعملنا في ميزان الدول مجرد صفر.
واخيرا كانت هناك مقولة عنصرية تقول للامريكان ان قتلت عبد اسود هارب فلا تحمل هم ففي الحياة الاخرى يبعثة الله لك ايضا عبد، واخاف ان المرتزق اليمني الذي يبيع ببلده يبعثه الله يوم القيامة ايضا مرتزق وشاقي باليومية عندهم.
ومختصر الموضوع عندنا وطن رائع، وبشر يمكنه يبدع ان وجد مشروع وقيادة تحب وطنها، وطبيعة وموارد وموقع، فماذا ينقصكم حتى تعيشون بكرامة وسلام دون استجداء او ارتهان او بيع سيادة الوطن، تعيشون دون صراع وقتل وبلطجة وتتنافسون في البناء والتنمية مثل الجوار. لا انكركم انه يمكن ان نعيش نحن واجيالنا الجنة فيه لو تغير تفكيرنا ٤٥ درجة نحو الداخل في اتجاه الكرامة والمثابرة والعمل. اقلها تكونوا دولة تكبر بنا ونكبر بها يحترمكم الجوار والعالم بدل من مشاريع الوهم، فالدول لا تبنى واحلام ابنائها ان يكونوا مجرد شقاة واتباع عند الغير ويبيعون ويشترون بثوابت بلدهم مع كل فرصة ومن دون زعل.
البروفيسور ايوب الحمادي
المصدر: فيسبوك