صديق الله سردار، أفغاني، تلقى خبر سفره للحج هذا السنة بعد أن تخلف حاج آخر، مما حقق حلمه. عبر عن فرحته البالغة لفرصة أداء مناسك الحج، مشيرًا إلى تغير عادات الحج في أفغانستان على مر السنين. بينما يستعد الحجاج، يتم تنظيم مواكب خاصة تحترمهم وتنقلهم لمطار المغادرة، حيث يجتمع الأصدقاء والأقارب لتوديعهم. تأمل السلطات زيادة عدد الحجاج من 30 ألفًا إلى 40 ألفًا سنويًا، رغم التحديات المالية. تكلفة الحج هذا السنة بلغت 3837 دولارًا، مع تأكيد الوزارة على معاملة جميع الحجاج سواسية دون تمييز.
كابل- كانت تلك اللحظة مميزة عندما رن جرس هاتف الأفغاني صديق الله سردار، حيث كان المتحدث من وزارة الإرشاد والحج والأوقاف ليخبره بالاستعداد لرحلة العمر إلى بيت الله الحرام، حيث ينجذب المؤمنون.
تحدث سردار عن السعادة الكبيرة التي شعر بها في تلك اللحظة، وكيف توافق الحظ مع حلمه وجرت الأمور كما تمناه، إذ اضطُر أحد الحجاج للتخلف عن رحلة الحج هذا السنة لأسباب قاهرة، فتلقى اتصالًا ليأخذ مكانه.
وبشكل غير متوقع، أتيحت الفرصة لصديق الله سردار لأداء مناسك الحج هذا السنة، ليكتمل أركان دينه كما ذكر في حديثه مع الجزيرة نت، حيث التقت به في قريته النائية قرب كابل، قائلاً: “لقد كان أمراً غير متوقع، وقد تحقق أخيرًا الحلم الذي يتمنى كل مسلم تأشيرة الحج هذا السنة”.

عادات الأفغان في الحج
مثل العديد من البلدان، يتفق عدد كبير من الأفغان على أن عادات الحج وتقاليده قد تغيرت في أفغانستان مقارنة بما كانت عليه قبل 40 عامًا، لكن بقيت بعض الطقوس محفوظة وتواصلت عبر الأجيال.
يقول سردار مع الإشارة إلى حقيبته المليئة بحاجاته: “لقد جهزت حقيبتي بكل ما أحتاجه من ملابس الإحرام وأخرى، وأحضرت معي فواكه مجففة ومكسرات مثل الزبيب واللوز والجوز والفستق والكاجو والشاي الأخضر”.
لكنه يؤكد مبتسمًا أن “الأمر الأكثر أهمية هو إبريق الشاي، لأننا الأفغان نعتاد على شربه بكثرة ولا نتخلى عنه”، مشيرًا إلى أن بعض الحاجيات تكون هدايا من الأصدقاء والأقارب قبل سفره.
ومن العادات التي يظل الأفغان محافظين عليها، كما يوضح مدير مدرسة عمر بن الخطاب الدينية الشيخ محمد حقاني، أنهم يدعون الشخص المسافر للحج لأداء الصلاة معهم جماعة سواء في المسجد أو في المنزل، كما تواجهه عائلة الحاج وأصدقاؤه بالدعوات للطعام أسبوع تقريبًا قبل سفره، ويطلبون منه الدعاء لهم عند توديعه بكل اجلال.
موكب مهيب
يتم توديع الحجاج من قبل الأقارب في المطار بأعداد كبيرة قبل السفر، لكن وزارة الحج اتخذت خطوات جديدة لتقليل الازدحام، حيث يتم نقل الحجاج بحافلات خاصة من المجمع للحج حتى المطار على مسافة 3 كيلومترات في موكب مهيب، فتُفتح لهم الشوارع وتُغلق أمام السيارات والمشاة، وذلك احترامًا وتكريمًا لهم. يتم الأمر بتنسيق مسبق مع رجال الاستقرار والمرور.
أما الوداع من الأهل والأصدقاء فينتظر حتى عودة الحجاج، إذ تمتلئ مطارات أفغانستان الأربع بالوافدين بأعداد كبيرة رغم ضعف البنية التحتية.
تنظم السلطات مجموعة من الإجراءات لتسهيل ترتيبات الحج، منها أنه لا يُسمح للحجاج بالتوجه من منازلهم إلى المطار مباشرة بغض النظر عن شخصية الحاج، بل يجب عليهم جميعًا التوجه إلى مجمع الحجاج، الذي يعتبر نقطة التجمع.
هناك، يتم التنوّه من الوثائق الثبوتية والحصول على اللقاحات المطلوبة قبل الاتجاه إلى المطار لمغادرة البلاد إلى الديار المقدسة، حسبما نوّه مدير مجمع الحجاج عبد الصبور فاروق للجزيرة نت: “نقدم للحجاج التطعيمات الضرورية ضد الإنفلونزا وكوفيد 19، ونزودهم ببعض الأدوية التي قد يحتاجونها”.
ولفت المتحدث إلى أن عشرات الأطباء المتخصصين يرافقون حملة الحجيج إلى الديار المقدسة كل عام، بالإضافة إلى وجود مراكز طبية مرخصة من السلطات السعودية في مكة والمدينة.
عند وصول الحجاج إلى المجمع، يُلزمون بحضور دروس دينية ويتلقون ردودًا على استفساراتهم من مرشدين مختصين يبقون معهم حتى عودتهم إلى أفغانستان ضمن حملة الحج.
30 ألف حاج
كان سردار واحدًا من 30 ألف حاج أفغاني وصلوا إلى الديار المقدسة في مكة والمدينة، حيث جرى تنظيم نحو ألف رحلة من قبل وزارة الحج هذا السنة من 4 مطارات رئيسية في البلاد، مثل هيرات ومزار شريف وقندهار وكابل.
تأمل السلطات الأفغانية في زيادة حصتها من الحج لتصل إلى 40 ألف حاج سنويًا، بسبب الإقبال المتزايد من المواطنين على أداء مناسك الحج، وفقًا للناطق الإعلامي باسم وزارة الحج الأفغانية فاضل الحسيني، الذي ذكر للجزيرة نت أن طلبات الحج هذا السنة تجاوزت 60 ألف طلب في جميع البلاد.
في المقابل، أفاد مسؤول في وزارة الحج أن حوالي 4 آلاف حاج لم يتمكنوا من دفع تكاليف الحج هذا السنة في عموم أفغانستان، بما في ذلك 700 في العاصمة كابل، وذلك بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة والضائقة المالية التي يعيشها الناس.

سواسية في الحج
صرحت الوزارة أن تكلفة الحج لهذا السنة تبلغ 3837 دولار أميركي، وتشمل الإقامة في الفندق، وتذاكر السفر، والطعام، والمواصلات الداخلية، وكل المستلزمات الأساسية للحاج.
ويشير الناطق الإعلامي باسم وزارة الحج فاضل الحسيني إلى أنه “لا يوجد تمييز في الحج في أفغانستان، فجميع مواطنينا يصطفون سواسية، لا توجد حساسية في أماكن سكنهم داخل مكة أو المدينة”.
تُدفع تكاليف الحج مسبقًا للوزارة، والمثير أن العديد من المبالغ تُعاد بعد العودة إلى أفغانستان تحت مُسمى “ردّيّات” (المسترجعات)، وفقًا لبيانات الوزارة، حيث تم إرجاع 38 دولارًا لكل حاج في السنة الماضي، و110 دولارات في السنة السابق.