إعلان

احذروا منتجات هائل! أهي قصقصة ريش..أم نزع جناح..هكذا يطير الاقتصاد!.. الجماعة والمجموعة ..اليكم القصة

منى صفوان .. صحافية وكاتبة – رئيسة تحرير عربية فيليكس

منذ الوهلة الاولى، تصرفت الامبراطورية الاضخم في اليمن بكل احترام مع تقاليد التجارة والاقتصاد ، فابتعدت عن حلبة الاستقطاب منذ سيطرة الحوثيين على العاصمة سبتمر ٢٠١٤، لا رفضتهم، ولا عارضتهم ، وتعاملت معهم بعد ذلك كسلطة امر واقع، ليس فقط في صنعاء ، بل بعد ذلك في تعز- الحوبان حيث يسيطرون على عاصمة هائل سعيد الصناعية.

إعلان

لا تدعه يعمل .. لا تدعه يمر

مافعلته “هائل” هو الاجراء الصحيح لاي كيان اقتصادي، بل ودفعت الاتوات للجميع، لتمر شاحناتها، وموظفيها، وعجلة اقتصادها، وماكينات مصانعها، ودفعت ثمن سقوط الدولة بيد مجموعات اللصوص، دون ان تحرض او تشتكي، والتزمت الحياد الاقتصادي كما يجب، دون لعب دور القوي القادر على قلب الطاولة
مجموعة هائل تغطي السوق اليمنية منذ عقود، دون منافس كبير، ولكن كان هناك دائما منافسو السوق الدائمين ، والطارئين والمحتملين ، في كل العصور والتقلبات السياسية.

فمجموعة بهذا الحجم، تعمل في بلد كاليمن، منذ اكثر من نصف قرن، تبدو اكثر الكيانات الاقتصادية خبرة بالسياسية اليمنية، وكيف على التاجر الشاطر ان يتعامل مع السياسي الانتهازي، والمسؤول الحكومي الفاسد، وعصابات المافيا.
لذا لم يكن التعامل مع الحوثيين صعباً، لكنه كان الاصعب، لانها لا تريد الشراكة كمن سبقه، وان تفسح له مساحة من السوق مقابل قطعة من الكعكة، بل تريد السوق كله، والكعكة كلها.

منافسة شرسة، بين الشركة الضخمة الراسخة، والشركات الصغيرة الناشئة، على سوق استهلاكي محلي، اعتاد على منتجات هايل سعيد انعم، التي تحولت مع الزمن لجزء من الثقافة والعادات والتقاليد للمجتمع اليمني ، فهي جزء من تاريخهم البسيط، وليست مجرد بضاعة، بل طقس يومي.

بيحبوه اهل البلد

لذا يصعب منافستها في المساحة الوجدانية ، فهي تحوز الثقة، التجربة المشتركة ، الارتباط العاطفي، والشعور بالانتماء، وهذا كل ما تحتاجه لتسوق منتجك، سواء كان جيداً ام اسوأ منتج في العالم ، لكن منتجات هائل لم تكن سيئة، وهذا يضاعف سُمك وحجم وارتفاع جدار المنافسة، لدرجة يصعب على المُنافس تجاوزه، او اختراقه، او هده!

وهذا ما تحاول شركات ” مابعد الحرب” فعله، ان منظومة فكر وعمل الحوثيين ، تقول على نظرية ان نكون كل شيء، وان تكون الشركات الكبرى في السوق منا ، وليست فقط موالية لنا، او محايدة لطيفة.

فحتي الحياد لايكفي ، المطلوب هو هد كل ما له علاقة بالبُنية القديمة، وبناء بُنية جديدة، إعلاميًا وثقافيًا ، تعليميًا ، وفكريًا ، قانونياً وسياسيًا وعسكريًا ، وهذا ما يحدث ، فلم يُبقي على الاقتصاد.

ملك الدقيق سيكون حوثياً، وملك الشاي، والبن، وملك السمن والصابون ، والبسكويت، وهذا يستلزم ان نخلع الملك السابق من عرشه ، ولكن هذا الانقلاب الاقتصادي على ملك المال والاقتصاد لم يحدث في يوم وليلة.

خلال السنوات الاخيرة، بدأت المنظومة الحوثية الاخيرة تعمل برفق وجهد، في محاولة الاحلال، وتطفيش الصغار، الى ان حان وقت الكبار ، على ان يمكنها ان تستأثر بالسوق مستقبلًا ، وليس فقط تجاريًا بل حتى صناعيًا.
هذه هي الخطة، جعل حصة هايل واي شركة اخرى في السوق صفر، وتوزع الحصص على شركات العهد الجديد، وهي بالتأكيد خطة طموحة، ولكنها ليست سهلة المنال، فانت تنافس بجهد شركات محلية، شركة عالمية ، اضافة لفارق الخبرة، وطبعاً الارتباط بالمواطن والبيت اليمني.

طاهش الحوبان

فهل ستغلق مصانع هايل في الحوبان! وهذه احدى اسرار واسباب التمسك بتعز، ان فيها ملك الاقتصاد وعاصمته الصناعية، التي استفاد الحوثيون منها بشكل كبير.
لن نتحدث عن الدور الوطني لهذه المجموعة في نهضة الاقتصاد منذ عقود ، ودورها في الازمات والحرب الاخيرة في دعم الاقتصاد، فهي بقدر ما افادت استفادت، والعلاقات الناجحة هي التي يستفيد منها الجميع.
وفعلياًً هايل انعم كان دائما ياكل ويأكل، ليس فقط المواطنين والزبائن، بل حتى السياسين والمتنفذين، لكن متنفذي اليوم لديهم رأي اخر، ويرون فيه تهديداً حقيقياً لامبراطوريتهم واستمرار حكمهم.

img 3287
اغلاق شركة ناتكو الاستهلاكية

حاكم تعز الاقتصادي

فالامر فعلاً ليس بسيطًا، وليس مجرد سوق وبضاعة وزبون، بل سيطرة على تدفق المال، على النمو الاقتصادي للدولة ، على معدل التضخم وسعر العملة، بدون مبالغة بيوت كبيرة بهذا الحجم يمكنها اسقاط عروش، لكن رأس المال الذكي لا يفعلها، بل يتحالف مع العروش والحكام ، بمختلف توجهاتهم ، ولكن هذه المرة حكام صنعاء يرون التحالف مع هايل ليس في صالحهم ، لان لديهم دائما مشكلة ثقة
هم يعلمون ان ليس لمصلحة المجموعة الانقلاب عليهم، او اللعب بالاوراق الرابحة لديها، ولو كان لديها النية لفعلت.

حتى في قضية تعز وحصار تعز، التزمت الحياد الايجابي ، ولعبت دور الوسيط المتفهم، وقاد كبار المجموعة بانفسهم حملات وساطة وتهدئة، ولم يظهروا ابداً بمظهر المتشنج المتعصب لطرف بعينه، او المحرض الذي يستغل قضية تعز ضد الحوثيين ، برغم الانتماء والتمسك والحب لتعز، لكنهم كانوا من الذكاء الذين يدركون به حساسية هذه القضية عن جماعة الحوثي، وان هذا سيجعلهم محسوبين على تعز فقط، وربما على خصومهم، ويحولهم لخصم سياسي.

المجموعة في مواجهة الجماعة

العلاقة بين الطرفين جداً حساسة، وخلال السنوات القليلة السابقة، بدأت قصقصة ريش مجموعة هائل سعيد انعم في مركز التجارة في صنعاء.
اما بالتخلص من شركائها المحليين الصغار ، او تلفيق التهم لهم وتهديهم، وبالاستيلاء بعدها على بيوت التجارة المختلفة، والاستيراد والتصدير، وفي الطريق الاستيلاء على الغرفة التجارية والقرار الصناعي والتجاري.
لذا سيسهل من وجهة نظر الجماعة الانقضاض على المجموعة ، والتجرؤ لاغلاق شركاتها في صنعاء ، تمهيدًا لتعز الحوبان، وهي خطوة ان كانوا فعلاً يفكرون بها، فلابد انهم قد جنوا.

img 3288 1

ملك الصابون والمعجون والقانون والجنون ..!!!

هذه الخطة بالاستيلاء على كامل الاقتصاد ، من مطاحن الدقيق، الى مصانع الصابون والاسمنت، بايجاد شركات بديلة، لا تنجح في بلد كاليمن، لانك لست المسيطر الوحيد على الاقتصاد ، فأنت لست الجيش، لست المؤسسات الحكومية والبرلمان ، القانون والسلطة ليست بيدك، ان جزء، وان كنت تريد احكام السيطرة على هذا الجزء، فهذا لا يعني ان لا يكون لمجموعة بهذه الضخامة رئة يمنية اخرى خارج صنعاء.
بالتأكيد مجموعة عالمية كهذه، واحدة من اهم الشركات في الشرق الاوسط، سيكون قرار المغادرة من اليمن سهلًا، فهي تقريبًا تعتمد على نشاطها وارباحها خارج اليمن، والسوق اليمنية ليست هي قوتها الاساسية.

لقد طردنا جميع سكان الكوكب

وكنت في مقال سابق قد اشرت، ان وجود اعلانات لشركات محلية في قنوات مصرية وسعودية ” حيث القوة الشرائية الاضخم في المنطقة ” ليس فال خير على الاقتصاد اليمني، لانه يعني ان الرأس مال الوطني فر بالكامل، واصبح يبحث عن سوق بديلة للسوق اليمني، حتى من كان يوزع نشاطه داخل وخارج اليمن منذ عقود، اصبح يعتمد على النشاط الخارجي اكثر.
وهنا نتأكد ان الاقتصاد في هذه الحالة لن تقوم له قائمة، لان اقتصاد اي بلد لا يعتمد على الصناعات الخفيفة ، ولا الاستيراد ، ولا المعلبات ، بل على تعدد الصناعات، والثقيلة منها، وعلى تنوعه، وتنوع المنافسة، وان لا يبقى الحوت وحيدًا في البحر دون الاسماك الصغيرة.
فالشركات الصغيرة بأهمية الكبيرة، وان كانت امبراطورية الحوثي، تعتقد انه يمكن الاعتماد على التجار الموالين وشركاتهم ، فهذا كارثي ليس لهم، بل لبلد يعاني الفقر والتضخم .
لذا يمكن للعملة ان تنهار بسهولة في مناطق سيطرة الحوثيين ، وتخرج الامور عن السيطرة، دون وجود انقاذ بوديعة سعودية كما تفعل السعودية مثلا في عدن.

لقد ساعد الاستقرار السياسي في صنعاء على جذب رؤوس الاموال من كل المحافظات ، وبقيت مجموعة هائل وغيرها من المجموعات الكبيرة والصغيرة تؤدي دورها ، مما ساهم بدعم الاقتصاد نسبياً في صنعاء مقارنة بغيرها من المناطق ومنها تعز.

الملخص اننا امام كارثة اقتصادية لا سابق لها.. انهم يقتلون انفسهم ويقتلونا معهم، ولن نحتاج علماء الاقتصاد لشرح ما يحدث، بقدر حاجتنا لاطباء علم النفس والاجتماع لتفسير هذه الظاهرة !!

إعلان

اترك هنا تعليقك وشاركنا رأيك