إعلان


عبد الله بن عمر التشادي “المكي” يؤكد أن الوجود الأفريقي في مكة يمتد جذوره لما قبل الإسلام، مشيرًا إلى تاريخ جبل “ثبير الزنج”. خلال استضافته في بودكاست “حكايات أفريقية”، تناول دور الأفارقة في تاريخ مكة، وخاصة منذ القرن الـ18 الميلادي. تزايد الوجود الأفريقي في المسفلة وجرول، وبرزت تجمعات في حي الحفائر. وذكر شخصيات مهمة كبلال بن رباح وعطاء بن أبي رباح، اللذين أسهما في تاريخ المدينة. واختتم التشادي بقصة عائلته، معبرًا عن عمق انتمائه لمكة التي عاش فيها طفولة غنية بالتنوع الثقافي.

نوّه الباحث والكاتب عبد الله بن عمر التشادي “المكي” أن الوجود الأفريقي في مكة المكرمة ليس ظاهرة جديدة، بل تعود جذوره إلى ما قبل الإسلام، موضحا أن أحد جبال مكة السبعة كان يعرف تاريخيا باسم “ثبير الزنج”.

إعلان

بانر اثير - حكايات أفريقية
ولفت التشادي -الذي نشأ في مكة- إلى أن علاقته بالمدينة المقدسة تجسدها بيت الشعر الذي يقول “أنا ابنها من أهلها، ورضيعها من صدرها، وربيبها في حجرها”، حيث قضى طفولته في بيئة ثقافية غنية تأثرت بقدوم الحجاج من مختلف أنحاء العالم.

وتناول التشادي خلال استضافته في حلقة (2025/6/6) من بودكاست “حكايات أفريقية” -الذي يقدمه أحمد ولد فال الدين- التاريخ العريق للأفارقة مع هذه المدينة المقدسة والدور البارز الذي لعبوه في حضارتها.

وعن بداية الوجود الأفريقي الكثيف، لفت الباحث إلى أن الدراسات تشير إلى أن هذا الوجود بدأ بشكل واضح منذ القرن الثامن عشر الميلادي، عندما استقر الأفارقة في منطقتين رئيسيتين: الأولى في “المسفلة” الواقعة في جنوب مكة، والثانية في منطقة جرول شمال الحرم، حيث كان سكان جنوب مكة يتمتعون بمستوى تعليمي أعلى وأصول أقدم وأكثر اندماجا اجتماعيًا واقتصاديًا.

واستمر الوجود الأفريقي في التطور ليشمل مناطق أخرى، حيث ظهرت في القرن التاسع عشر تجمّعات كبيرة قرب المسجد الحرام في حي يُعرف بحي الحفائر وسوق البرنو، بالإضافة إلى شارع المنصور الذي امتدت على جانبيها أحياء مسكونة بالأفارقة، بعضها يمكن اعتباره مناطق مغلقة تُعبر عن شبه انتماء عرقي.

وأوضح التشادي أن هذه الأحياء كانت مُقسمة بشكل ما حسب البلدان التي جاء منها السكان، مثل تجمعات للنيجيريين والسنغاليين والتشاديين، على الرغم من أن هذا التقسيم ليس صارماً بالكامل، حيث يتواجد نوع من الاندماج بين الجنسيات المختلفة.

شخصيات مؤثرة

فيما يتعلق بالشخصيات الأفريقية المؤثرة في تاريخ مكة، لفت الباحث إلى بلال بن رباح -رضي الله عنه- كأشهر شخصية أفريقية في التاريخ الإسلامي، بينما ذكر مقدم الحلقة معلومة تفيد بأن دليل النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر الصديق -رضي الله عنه- من مكة إلى المدينة في الهجرة كان أفريقيًا.

كما سلط الباحث الضوء على شخصية عطاء بن أبي رباح، التابعي الذي أدرك 200 من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ورغم كونه عبدا حبشيا أسود أصلع أعور أعرج، فقد أصبح إمام مكة وسيد المسلمين فيها، مما دفع الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك إلى توجيه نصيحة لولديه بعد لقائه “عليكما بالعلم، فإني لا أنسى ذلنا أمام هذا العبد الأسود”.

وروى التشادي عن تجربته الشخصية قصة عائلته التي تجسد رحلة الأفارقة إلى مكة، حيث جاءت والدته من نيجيريا عبر السودان وهي طفلة صغيرة مع جدها الذي ترك زعامة قبيلته سعياً وراء حلم الموت في مكة، بينما وصل والده من تشاد بعد رحلة طويلة عبر ليبيا ومصر ولبنان وسوريا والأردن والعراق قبل أن يستقر في مكة.

ولفت إلى أن طفولته تمحورت حول المسجد الحرام وحلقات تحفيظ القرآن، حيث لم يعرف شيئاً في الدنيا بعد صلاة العصر سوى أن يكون في المسجد حتى المغرب، مما منحه فهماً عميقاً للتنوع الثقافي الذي تشهده مكة خلال موسم الحج.

ونوّه الباحث أنه لم يشعر يوماً بأنه غريب في مكة، بل اعتبرها أرضه ووطنه، مشيراً إلى أن هذا الإحساس بالانتماء يعكس عمق الجذور الأفريقية في هذه المدينة المقدسة على مر السنين، وأن الأفارقة ليسوا دخيلين على مكة، بل هم جزء أصيل من نسيجه الاجتماعي والثقافي.


رابط المصدر

إعلان

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا