تشهد الصين حاليًا أزمة في سوق العقارات تستمر منذ أكثر من عامين. وقد أثرت هذه الأزمة على النمو الاقتصادي في البلاد وتشكل تهديدًا كبيرًا للآفاق الاقتصادية في السنوات الثلاث إلى الخمسة المقبلة.
تمثل سوق العقارات حوالي 30 في المئة من الاقتصاد الصيني، وقد كانت طفرة في القطاع العقاري تدعم النمو القوي في الصين على مدى العقود الماضية. ولكن بسبب حملة الحكومة الصينية على اقتراض المطورين، انخفضت استثمارات العقارات للمرة الأولى في العام الماضي بعد عقد من الزمن.
تعمل الحكومة الصينية على تنفيذ سياسات للتصدي لهذه الأزمة، بما في ذلك تقليص المخزون العقاري وتشجيع المطورين على خفض أسعار المساكن لتحفيز الطلب. ومع ذلك، يرون المحللون أن هذه الإجراءات ليست كافية وأن الصين بحاجة إلى التكيف البطيء والمؤلم للخروج من هذه الأزمة.
توقعت البنك الدولي وصندوق النقد الدولي تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين في السنوات المقبلة. وقد خفض البنك الدولي توقعاته للناتج المحلي الإجمالي لعام 2024، في حين رجح صندوق النقد الدولي أن يتباطأ نمو الصين إلى نحو 3.5 في المئة على المدى المتوسط.
يبدو أنك تتحدث عن الوضع الحالي لقطاع العقارات في الصين وتأثيره على الاقتصاد. هناك عدة نقاط مهمة يمكن التركيز عليها:
- التحفيز والإصلاحات الاقتصادية: يشير صندوق النقد الدولي إلى أن النمو المستقبلي للاقتصاد الصيني قد يتجاوز 3.5٪ إذا قدمت الحكومة المزيد من التحفيز والإصلاحات الاقتصادية. هذا يعني أن بكين تعمل على تعزيز النمو الاقتصادي من خلال تنفيذ سياسات تحفيزية وإصلاحات هيكلية.
- أزمة الديون العقارية: تواجه الشركات المطورة للعقارات في الصين صعوبات مالية وديون متراكمة. قرارات الحكومة الصينية الصارمة فيما يتعلق بالاقتراض المفرط من قبل صناعة العقارات، ورغبتها في كبح أسعار العقارات المرتفعة وتقليل المخاطر المرتبطة بالديون، أدت إلى تفاقم الأزمة النقدية في الصناعة.
- تأثير الأزمة العقارية: الشركات المتأثرة بالأزمة العقارية في الصين، مثل “إيفرغراند”، تواجه صعوبات في سداد ديونها واستكمال مشاريع العقارات غير المكتملة. هذا يثير مخاوف المستثمرين ويؤثر على الثقة في سوق العقارات ويعوق جهود الحكومة الصينية لإنعاش القطاع العقاري وتجنب مشكلات اقتصادية أكبر.
- البحث عن محركات نمو بديلة: تسعى الحكومة الصينية للعثور على محركات نمو بديلة لقطاع العقارات. تركز الجهود على تشجيع القطاعات الأخرى مثل التكنولوجيا الخضراء لتعويض الانخفاض في دور العقارات في الاقتصاد. ومع ذلك، يشير بعض المحللين إلى أن هذا الهدف قد يكون صعب المنال في المدى القريب، حيث أن القطاعات البديلة لا تزال أصغر بكثير من حجم وأهمية القطاع العقاري.
- أهمية العقارات في الاقتصاد الصيني: يلعب قطاع العقارات دورًا هامًا في الاقتصاد الصيني، حيث تشكل الأصول السكنية نسبة كبيرة من ثروة الأسر، وتسهم مبيعات الأراضي للمطورين بشكل كبير في دخل الحكوالصيني. بالإضافة إلى ذلك، يعد القطاع العقاري مصدرًا هامًا للوظائف والنشاط الاقتصادي العام.
مع ذلك، فإن الوضع الحالي للقطاع العقاري في الصين يشهد تحديات كبيرة، وقد يكون له تأثير سلبي على الاقتصاد في المدى القريب. من المهم أن يتخذ القادة الصينيون إجراءات للتصدي لهذه التحديات وتعزيز الاستقرار في القطاع العقاري والاقتصاد بشكل عام.
يعتبر انكماش سوق العقارات وتباطؤ النمو الاقتصادي في الصين تحديات كبيرة تواجه الحكومة الصينية، وقد يؤثران على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.
يبدو أن الاقتصاد الصيني يواجه تحديات عدة وفجوات في بعض القطاعات، ومن بين هذه القطاعات قطاع العقارات. قدمت “كابيتال إيكونوميكس” وجهة نظرها بأن خطة التصنيع الجديدة التي وضعها الرئيس الصيني تركز بشكل أساسي على تحقيق الاكتفاء الذاتي التكنولوجي والتنافس مع الغرب، بدلاً من التركيز على تعزيز الناتج المحلي الإجمالي، وهذا قد يؤدي إلى تضييق الفجوة في القطاع التكنولوجي ولكنه يمكن أن يؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي بشكل عام.
بالنسبة لقطاع العقارات، فقد كان له دور كبير في دفع الاستهلاك وتحفيز نمو الاقتصاد الصيني على مدى العقود الماضية. ومع انخفاض أسعار المساكن، بدأت الثروة العقارية في الانخفاض، مما أدى إلى تراجع رغبة الأفراد في الإنفاق. وبدلاً من ذلك، بدأ الناس في اكتناز الأموال النقدية. وفقًا لبيانات بنك الشعب الصيني، بلغ إجمالي الودائع المصرفية للأسر رقمًا قياسيًا في يونيو (حزيران) الماضي.
تلك الفجوة في قطاع العقارات يشكل تحديًا للاقتصاد الصيني، حيث أنه يحتاج إلى إيجاد سبل أخرى لتعزيز الاستهلاك وتعويض تأثير انخفاض أسعار المساكن. قد تتطلب ذلك تحفيز قطاعات أخرى في الاقتصاد وخلق فرص عمل جديدة للأفراد، وربما تبني سياسات اقتصادية تهدف إلى تعزيز الثقة والإنفاق لدى الأفراد.
من المهم متابعة التطورات الاقتصادية في الصين لمعرفة كيف ستتعامل الحكومة مع هذه التحديات وتنفيذ السياسات الاقتصادية المناسبة لتعزيز النمو وتعزيز الاستقرار الاقتصادي.
من المعلومات التي قدمتها، يبدو أنه في عام 2022، ازدادت مدخرات الأسر الصينية بشكل كبير، حيث ارتفعت بمقدار 17.84 تريليون يوان (2.6 تريليون دولار)، وهذا يمثل زيادة بنسبة 80٪ عن عام 2021. وقد أصبحت مدخرات الأسر تمثل أكثر من ثلث إجمالي دخلهم، بعد أن كانت تشكل نحو خمس دخلهم قبل الوباء.
وتشير تقديرات “كابيتال إيكونوميكس” إلى أن صافي ثروات الأسر الصينية قد تقلصت بنسبة 4.3٪ في عام 2022، وذلك بسبب انخفاض أسعار المنازل وسوق الأوراق المالية. وهذا يعد أول انخفاض من نوعه منذ أكثر من عقدين.
ووفقًا لمحللين من جامعة “أكسفورد إيكونوميكس”، فإن ثقة المستهلكين والمستثمرين الصينيين في نموذج النمو الحالي قد بدأت في التلاشي، ويبدو أن الإنفاق الاستهلاكي يعد المكان الواضح للبحث عن النمو. ومع ذلك، يتطلب تحقيق هذا التغيير هيكلية سياسية كبيرة.
تواجه الحكومة الصينية تحديات متعددة في تنفيذ هذه التغييرات، حيث أن الأسر بالفعل مديونة بشكل كبير في قطاع الإسكان وليس لديها القدرة الكبيرة على الاقتراض للإنفاق الاستهلاكي. لذا، يجب على الحكومة أن تعمل بسرعة على إيجاد بدائل لزيادة دخل الأسر بجانب الإسكان، مما قد يشجعهم على زيادة الاستهلاك.
وتشير أيضًا إلى أن تركيبة السكان في الصين تلعب دورًا في رغبة الصينيين في الادخار بكثافة، حيث توفر تلك المدخرات الاستقرار والأمان في ظل الظروف الاقتصادية غير المستقرة.
المصدر :إندبندنت