تقع في مكة المكرمة، حيث يُصنع “ثوب الكعبة المشرفة” في مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة، والذي تأسس عام 1977. تستمر عملية التصنيع أشهرًا، وتبدأ باختيار حرير طبيعي من إيطاليا، يتعرض لمراحل دقيقة تشمل الصباغة والنسيج والطباعة والتطريز بخيوط الذهب والفضة، بتكلفة تتجاوز 25 مليون ريال سعودي سنويًا. يعمل في المجمع أكثر من 200 موظف، وتستبدل الكسوة كل عام في يوم عرفة. الكسوة ليست مجرد قطعة قماش بل تجسد روح العبادة والتوحيد، وتعكس اهتمام المملكة العربية السعودية بالحرمين الشريفين. يجذب المجمع الزوار للاطلاع على هذه الصناعة الفريدة.
Sure! Here’s your content rewritten, preserving the HTML tags:
مراسلو الجزيرة نت
4/6/2025–|آخر تحديث: 14:03 (توقيت مكة)
قرب أطهر الأماكن في مكة المكرمة، تسطر أيادٍ واثقة وخاشعة خيوط الحرير الأسود وتزينها بخيوط الذهب والفضة، في عمل يستغرق شهورًا ويخضع لمراحل متعددة، ليُصنع “أقدس وأغلى ثوب”، إنه ثوب الكعبة المشرفة.
داخل مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة المشرفة، المؤسس عام 1397هـ (1977)، يتم تنفيذ مراحل صناعة الكسوة تحت إشراف مباشر من وزارة الحج والعمرة السعودية، حيث تنتقل هذه الصناعة من يد إلى يد، محاطة بالتقدير والاحترام، لتظل رمزًا من رموز العناية بالحرمين الشريفين.
يمتد المجمع على نحو 100 ألف متر مربع، ويضم أكثر من 200 موظف وفني وإداري، يعملون في أقسام مختلفة تشمل النسيج والصباغة، والطباعة والتطريز والتركيب. ويعتبر هذا المعلم استمرارًا لتاريخ طويل في صناعة الكسوة.

مراحل الصناعة
تبدأ صناعة الكسوة باختيار أجود أنواع الحرير الطبيعي المستورد خصيصا من إيطاليا، الذي يتم فحصه بدقة قبل صباغته باللون الأسود في قسم متخصص بالمجمع، وبعد ذلك ينتقل الحرير إلى مرحلة النسيج الآلي واليدوي، حيث تُحاك قطع القماش في نول مبرمج لإنتاج شرائط طولية تُشكل الكسوة الكاملة.
تأتي بعد ذلك مرحلة الطباعة التي تُنقل فيها الآيات القرآنية والتصاميم الزخرفية إلى القماش باستخدام تقنية “السلك سكرين”، تمهيدًا لتطريزها بخيوط الذهب والفضة، وهي من أكثر المراحل دقة وتستغرق وقتًا وجهدًا كبيرين.
تُطرّز كسوة الكعبة باستخدام نحو 120 كيلوغرامًا من الذهب والفضة، ويُستخدم في صناعتها نحو 670 كيلوغرامًا من الحرير الطبيعي، وتبلغ تكلفتها السنوية أكثر من 25 مليون ريال سعودي (حوالي 6.7 ملايين دولار)، مما يجعلها الثوب الأغلى عالميًا من حيث المواد والقيمة المعنوية والدينية.
يؤكد مدير إدارة الإعلام في مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة، أحمد السويهي، أن المجمع يُعتبر من أبرز المعالم التي تُجسد اهتمام المملكة العربية السعودية بالحرمين الشريفين، مشيرًا إلى أن الكعبة تكسى سنويًا بأجمل الحلل على مدى أكثر من 100 عام.
أوضح السويهري أن تكلفة كسوة الكعبة تقدر بـ 25 مليون ريال سعودي، تتحملها السلطة التنفيذية السعودية وتُغير الكسوة مرة واحدة في كل عام، في يوم عرفة.

تحفة فنية فريدة
اعتبر السويهري الكسوة تحفة فنية فريدة، مصنوعة من أجود المواد عالميًا، حيث تُستخدم خيوط الذهب والفضة المستوردة من ألمانيا، التي تُعتبر من أنقى الأنواع، بالإضافة إلى الحرير الطبيعي الخالص المستورد من إيطاليا.
أوضح في حديثه للجزيرة نت أن الكسوة تواجه طوال السنة عوامل الطبيعة كحرارة الشمس والرياح والأمطار والغبار دون أن تتأثر أو تفقد بريقها، وذلك بفضل جودة الصناعة ودقة التنفيذ، وهي ما يُعزى إلى المواد الفاخرة المستخدمة.
ولفت إلى أن المجمع يحتوي على 54 نول يتولى إدارتها فنيون ماهرون، حيث تُنفذ الأعمال بدقة متناهية، بما في ذلك القناديل المطرزة على الكسوة. ونوّه السويهري أن هناك 159 صانعًا بالمجمع، يُعتبرون من أفضل الحرفيين عالميًا بسبب مهاراتهم في نسج خيوط الذهب والفضة.
لفت السويهري إلى أن المجمع لا يقتصر على صناعة كسوة الكعبة من الخارج فقط، بل يهتم أيضًا بتجهيز الكسوة الداخلية التي تأتي باللون الأخضر، وتحمل عبارات مثل “لا إله إلا الله محمد رسول الله”، و”يا ذا الجلال والإكرام”، فضلًا عن بعض الآيات القرآنية، ويقوم المجمع أيضًا بصناعة ستارة الحجرة النبوية في المسجد النبوي الشريف بنفس الجودة والاهتمام.
اختتم السويهري تصريحه بالقول إن حياكة الكسوة تستغرق 10 أشهر من العمل المتواصل، استعدادًا لتغييرها كل عام.

إحرام الكعبة
بعد إتمام جميع مراحل الحياكة والتطريز، تبدأ مرحلة “إحرام الكعبة” من خلال إنزال الكسوة القديمة وتركيب الجديدة، حيث تُجمع القطع الأربع (التي تغطي جوانب الكعبة) وتُربط بالستار الذهبي المعروف باسم “البرقع”، الذي يُثبت على باب الكعبة.
قبل يوم عرفة من كل عام، وفي مشهد روحاني مهيب، تُستبدل الكسوة القديمة بالجديدة في عملية تتطلب جهود العديد من الفنيين والتقنيين، ليشهد العالم مرة أخرى مراسم “إحرام الكعبة”.
يعتبر مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة جزءًا من الهوية الدينية والثقافية في السعودية، ويعكس حرصها على رعاية الحرمين الشريفين وخدمة ضيوف الرحمن، كما يتيح المجمع للزوار من مختلف بلاد العالم فرصة الاطلاع على مراحل هذا العمل الفريد.
بحسب مسؤولي المجمع، فإن الكسوة القديمة لا تُهمل بعد استبدالها، بل تُقصّ وتُهدى كقطع صغيرة إلى الشخصيات الرسمية والمراكز الإسلامية في مختلف أنحاء العالم، برسالة روحية ودبلوماسية.
وكذلك تُعتبر كسوة الكعبة أكثر من مجرد قطعة قماش مزينة، بل هي رمز عميق في وجدان المسلمين. إنها تمثل روح العبادة والتوحيد، وتعبير عن وحدة الأمة حول قبلة واحدة، فكل خيط من خيوطها يجسد تلاقي التاريخ والإيمان، والفن والإتقان، ليظهر للعالم “أقدس وأغلى ثوب”، يحيط ببيت الله الحرام بخشوع وهيبة.
Feel free to ask if you need any more assistance!
رابط المصدر