تسعى الأمم المتحدة والحكومة الشرعية لإطلاق سجناء الصراع وفقاً لمبدأ “الكل مقابل الكل”
تتوالى الخطوات الواعدة التي من المؤمل أن تمهد الطريق نحو سلام شامل ومستدام في اليمن بعد أن بدأ ممثلون عن كل من الحكومة اليمنية والحوثيين السبت في جنيف مفاوضات في شأن تبادل الأسرى بينهما، فيما دعت الأمم المتحدة الطرفين إلى إجراء محادثات “جدية”.
وتأتي المفاوضات التي تستمر 11 يوماً غداة إعلان إيران الداعمة للميليشيات الحوثية المنقلبة على الدولة في عام 2014، والسعودية المساندة للحكومة اليمنية الشرعية المعترف بها دولياً، استئناف علاقاتهما الدبلوماسية المقطوعة منذ 2016، وهو ما يراه مراقبون خطوة قد تؤسس لسلام مرتقب في اليمن الغارق بالحرب منذ ثماني سنوات.
من دون استثناء
الخطوة التي تهيئ الظروف لإطلاق أكبر عدد من أسرى الجانبين تأتي في إطار اتفاق بين الطرفين أبرم منذ خمس سنوات، ويتضمن “إطلاق سراح جميع الأسرى والمعتقلين والمفقودين والمحتجزين اعتباطياً وضحايا الاختفاء القسري والأشخاص قيد الإقامة الجبرية” في سياق النزاع المستمر منذ 2014 في اليمن “من دون استثناء وبلا شرط”.
وتجري المحادثات الجديدة بعد نحو عام من إعلان الحوثيين موافقتهم على تبادل جديد للأسرى سيشهد إطلاق سراح 1400 حوثي في مقابل 823 مقاتلاً موالياً للحكومة، بينهم عرب من عدة جنسيات.
وأعلنت الأمم المتحدة مطلع أغسطس (آب) الماضي عن توافق الميليشيات الحوثية والحكومة الشرعية في اليمن على تكثيف الجهود لتحديد قوائم المحتجزين بشكل نهائي، وتسهيل زيارات اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى مراكز الاحتجاز للمساعدة في التحقق من الهويات.
احترام الالتزامات
وفي بيان للمبعوث الخاص للأمم المتحدة لليمن هانس غروندبرغ قال “آمل في أن يكون الطرفان على استعداد للدخول في محادثات جدية… للاتفاق على إطلاق سراح أكبر عدد ممكن من الأسرى”.
وأضاف “مع اقتراب شهر رمضان أحض الطرفين على احترام الالتزامات التي قطعاها، ليس فقط تجاه بعضهما بعضاً، بل كذلك تجاه آلاف العائلات اليمنية التي تنتظر منذ وقت طويل للاجتماع بأقاربها”.
وأفادت الأمم المتحدة أن مفاوضات جنيف هي سابع اجتماع يهدف إلى تنفيذ اتفاق تبادل الأسرى الذي أبرم في ستوكهولم في عام 2018.
الحرية للجميع
وتعليقاً على الخطوة التي ينتظر أهالي المخطوفين والأسرى نتائجها على أحر من الجمر، قال وكيل وزارة حقوق الإنسان في الحكومة عضو الوفد الحكومي، ماجد فضائل، إن المحادثات في جنيف تهدف إلى “التوصل إلى تفاهمات في شأن تفاصيل الاتفاق السابق الموقع بين الجانبين” لتبادل الأسرى.
وأضاف أن الطرفين سيبحثان “إيجاد آلية لإطلاق سراح الجميع”، وفق ما نقلت عنه وكالة سبأ الرسمية.
في حين أعرب رئيس وفد الحوثيين عبدالقادر المرتضى في تغريدة عن أمله في أن تكون هذه الجولة من المحادثات “حاسمة في الملف الإنساني”.
وفي آخر عملية تبادل أسرى جرت في أكتوبر (تشرين الأول) 2020 تم “إطلاق سراح أكثر من 1050 أسيراً وإعادتهم إلى مناطقهم أو بلدانهم”، بحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وعقدت الأطراف المتحاربة منذ ذلك الحين سلسلة محادثات في العاصمة الأردنية عمان لم تسفر عن نتائج.
الإنساني يهيئ للسياسي
ويعد ملف الأسرى والمحتجزين من أعقد الملفات المتعثرة منذ بداية الحرب إلا أنه جرى بنهاية عام 2020 إحداث تقدم كبير فيه بإطلاق سراح 681 من الأسرى الحوثيين، مقابل 400 من المعتقلين والأسرى من الحكومة الشرعية وحلفائها، إذ ترى الأمم المتحدة والدول الراعية للمفاوضات أن تحقيق خطوات في الملفات الإنسانية يمهد الطريق للانتقال تالياً إلى الملفات الشائكة الأخرى منها السياسي والاقتصادي.
وتشارك الحكومة الشرعية اليمنية بوفد جديد يرأسه يحيى كزمان، فيما يرأس وفد الحوثيين رئيس لجنة ملف الأسرى في الجماعة، عبدالقادر المرتضى.
ماذا عن الصحافيين
ونظراً إلى شمول المفاوضات أسماء عدد من الصحافيين المحتجزين لدى الحوثي منذ ثماني سنوات حكم على بعضهم بالإعدام، تضمنت كشوفات الأسرى أسماءهم للمطالبة بإطلاق سراحهم، غير أن الصحافي المفرج عنه من سجون الحوثيين عصام بلغيث قال إن وفد الميليشيات رفض خلال الجلسة الأولى من النقاش الإفراج عن جميع المعتقلين وفقاً لمبدأ “الكل مقابل الكل” واكتفى بقوائم محددة للنقاش حولها.
وأضاف أنهم تلقوا وعوداً من الأمم المتحدة واللجنة التابعة للحكومة الشرعية بالمطالبة بإطلاق سراح زملائهم الذين سبقوهم بالخروج من ظلمات المعتقلات قبل عامين.
ويشهد اليمن نزاعاً دامياً منذ 2014 بين القوات الموالية للحكومة المعترف بها دولياً والحوثيين جراء انقلاب الأخيرة بدعم إيراني مستمر أودى بحياة عشرات الآلاف، وتسبب بأزمة إنسانية وصفتها الأمم المتحدة بأنها الأسوأ في العالم مع نزوح ملايين الأشخاص.
المصدر :اندبندنت