ودّعت الأوروغواي خوسيه موخيكا، القائد السابق الذي عُرف بـ”أفقر رئيس في العالم”، بعد حياة ملهمة وراسخة في المبادئ. انتقل من مزارع وسجين إلى رئاسة البلاد، محافِظًا على بساطته وتواضعه. برز كرجل نبيل يُعبر عن ضمير جمعي، مقدّمًا 90% من راتبه للفقراء ورافضًا العيش في القصر. عُرف بموقفه المناهض للمخدرات وأزمات المالية، بجانب شغفه بالإستراتيجية والمساواة. تم تكريم موخيكا في مونتيفيديو حيث حزين الشعب على رحيله. كما تناولت الحلقة تاريخ كرة القدم وتطورها، والتأثير الإيجابي للجماهير، مُشيرةً إلى كأس العالم 2022 كنجاح بارز في تاريخ البطولة.
بأسلوبه البسيط والمبدئي، ودّعت الأوروغواي خوسيه موخيكا، القائد السابق الذي أطلق عليه الإعلام العالمي لقب “أفقر رئيس في العالم”، والذي قضى سنوات طويلة في مقاومة جشع القطاع التجاري وثقافة الاستهلاك.
تناولت حلقة برنامج “المرصد” التي بُثت في 9 يونيو/حزيران 2025 مسيرة حياة خوسيه موخيكا، الذي بدأ حياته كفلاح ومعتقل، وليس فقط لم يتخلَ عن بساطته ولكنه أيضاً احتفظ بمبادئه، مما جعله مصدراً للإلهام وإعجاب الأشخاص حتى من خصومه.
لم يكن موخيكا مجرد رئيس، بل كان رمزاً للقيم السياسية والاجتماعية في قلوب شعبه وملايين المتابعين حول العالم، إذ عاش في منزل بسيط وعلى متن سيارة فولكسفاغن قديمة، مفضلاً المبادئ على مظاهر الثراء.
في عمر يقترب من 90 عاماً، أنهى هذا الرجل الفريد مسيرة مليئة بالتجارب، بدأت في الحقول، مروراً بالسجون، وانتهت في قصر الرئاسة، دون أن تتغير قيمه أو يتخلى عن أفكاره، ليكون كما لقبه شعبه: زعيماً صادقاً خالياً من الزيف وشخصاً استثنائياً عاش من أجل الآخرين.
في العاصمة مونتيفيديو، اصطف المئات لتوديع جثمانه أمام القصر التشريعي، حيث وُضع مغطى بعلم الأوروغواي ورايات دول أخرى، بينما بدأ ترديد أغنية “آدون خوسيه”، النشيد الشعبي الذي ارتبط باسمه منذ سنوات، ليعبر عن أمة كاملة تودع حكيمها بمزيج من الفخر والحزن.
بدأ موخيكا حياته كمزارع في ضواحي العاصمة، ثم انضم إلى حركة “توباماروس” اليسارية، وعاش تجارب قاسية من القمع والعزلة، خلال السبعينيات والثمانينيات، حتى نال حريته مع عودة الديمقراطية للبلاد عام 1985.
عندما ترشح للرئاسة في عام 2010 في سن الـ74، لم يتسبب ماضيه الثوري في قلقه بقدر ما كان يمثل تحدياً، حيث قاد وطنه بعد أن اعتقل من أجل أفكاره، مدافعاً عن المصالحة وكرامة العمل الإداري خلال فترة رئاسته التي استمرت خمس سنوات.
كانت مراسم تنصيبه متواضعة ومقامة في الهواء الطلق، تعبيراً عن أسلوب حياته، بعيدة عن أي بروتوكولات متكلفة، بدأ مسيرته بخطوات جريئة في قضايا الإجهاض والمخدرات، مجسداً روحاً تقدمية فتحت آفاق الحوار دون الانزلاق في فخ الشعارات.
صوت الضمير الجمعي
لم يكن “بيبي” رئيساً عادياً، بل كان صوتاً للضمير الجمعي، حيث تبرع بـ90% من راتبه للفقراء، ورفض السكن في القصر، مفضلاً منزله البسيط الذي أصبح وجهة للزوار والمراسلين، حيث كانوا يناقشون معه الإستراتيجية وتجارب الحياة.
في خطاب له، قدم رؤية مثيرة عندما شبّه الأزمات الماليةية بمدخل للطغيان، مشيراً إلى أن انتخاب الألمان لهتلر كان نتيجة ارتفاع الأسعار المفرط، مما استنتج منه أن السياسات الفاشلة ينبغي ألا تتكرر، بل بحاجة إلى شجاعة التجديد والتجربة.
كما لم يتردد في نقد الحظر الشامل للمخدرات، معتبراً أن القمع الطويل لم يحقق النجاح المنشود، بل يجب البحث عن بدائل عملية، مشدداً على ضرورة الدمج بين الصرامة والرحمة في معالجة القضايا الاجتماعية المعقدة.
وكانت زوجته، لوسيا توبولانسكي، جزءًا أساسياً من رحلته، حيث كانت الرفيقة والمقاتلة والمشرعة، تشارك في الزهد والبساطة دون أن تفقد دورها السياسي أو تأثيرها في الحياة السنةة.
وعلى الرغم من المرض الذي ألم به، حافظ خوسيه في سنواته الأخيرة على روح الدعابة والتوازن، حيث قال مازحًا إن الأطباء اكتشفوا ورماً خبيثاً لكنه لا يرغب بالحديث عنه لأنه ببساطة لا يفهم في الطب، قبل أن يغادرنا تاركاً خلفه ذكريات إنسانية لا تُنسى.
تاريخ كرة القدم
كما تناولت الحلقة، بمناسبة اقتراب انطلاق كأس العالم للأندية في الولايات المتحدة، إحدى أكثر الألعاب شعبية وتأثيراً، حيث سلطت الضوء على كرة القدم وتاريخها الممتد منذ آلاف السنين حتى ذروتها الحديثة.
ترجع جذور اللعبة إلى الصين القديمة تحت اسم “تسوجو”، ثم انتقلت إلى اليابان بتسمية “كيماري”، حيث تطورت في بريطانيا في القرن الثاني عشر، وصولاً إلى شكلها الحالي عند تأسيس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم عام 1863.
كان تأسيس الاتحاد الدولي “فيفا” في عام 1904 نقطة تحول كبيرة، حيث بدأت اللعبة تتجه نحو العالمية، وامتدت إلى جميع قارات الأرض، حيث تطورت القواعد والتقنيات والأدوات، من الشباك إلى بطاقات اللاعبين، ومن أحذية الرياضيين إلى تقنية حكم الفيديو.
تناولت الحلقة أيضاً الدور الرمزي للجماهير، التي وصفها الكاتب إدواردو غاليانو بـ”اللاعب رقم 12″، لدورها في دعم اللاعبين وزيادة إبداعهم، مؤكدة أن شغف كرة القدم يتجاوز الرياضة ليصبح لغة عالمية وتجربة إنسانية مشتركة.
في استحضار للذكريات الناجحة، تذكرت الحلقة النسخة الاستثنائية من كأس العالم التي نظمتها قطر في عام 2022، والتي اعتُبرت الأفضل في تاريخ البطولة، مما يعكس تطور البنية الرياضية ودور كرة القدم في تعزيز قيم اللقاء والتعايش بين الشعوب.