في تصعيد للتوترات بين الولايات المتحدة والصين، وصف القائد الأمريكي دونالد ترامب نظيره الصيني شي جين بينغ بأنه “صعب جدًا في التفاوض”. تصريحات ترامب تثير تساؤلات حول استمرارية الهدنة التجارية الهشة، خاصة بعد إعلان عن تخفيضات جمركية في مايو. الإدارة الأمريكية اتخذت خطوات مثيرة للجدل مثل فرض قيود على تصدير قطع الغيار إلى الصين وعلى شركة هواوي. في المقابل، ردت بكين بغضب على التحذيرات الأمريكية بشأن تايوان. رغم حساسية الموقف، كانت ردود الأسواق المالية هادئة، لكن مستقبل الهدنة التجارية يبدو مهددًا في ظل غياب اتصالات مباشرة واضحة بين الزعيمين.
في تصعيد جديد للتوترات بين الولايات المتحدة والصين، لفت القائد الأميركي دونالد ترامب إلى نظيره الصيني شي جين بينغ بأنه “شخص صعب جدًا وصعب للغاية في التفاوض معه”، في منشور له عبر منصة “تروث سوشيال”.
وكتب ترامب “لقد كنت دومًا معجبًا بالقائد شي، وسأبقى كذلك، لكنه شخص معقد جدًا وصعب للغاية لإبرام صفقة معه!”.
هذا التصريح المفاجئ أثار تساؤلات جديدة بشأن مدى قدرة الهدنة التجارية الهشة بين واشنطن وبكين على الاستمرار، في ظل تصاعد التوترات بين أكبر اقتصادين عالميين. ولم يكن هناك تعليق فوري من البيت الأبيض على منشور ترامب، حسبما أفادت وكالة بلومبيرغ.
توتر متزايد بعد هدنة
تشير بلومبيرغ إلى أن هذا التوتر جاء بعد أسبوعين من الإعلان عن هدنة تجارية في مايو/أيار الماضي، تضمنت تخفيضات جمركية واتفاقات مبدئية بين الجانبين في اجتماع جنيف. لكن إدارة ترامب اتخذت منذ ذلك الحين خطوات مثيرة للجدل، أبرزها:
- منع تصدير قطع الغيار الحيوية لمحركات الطائرات إلى الصين.
- تقييد وصول بكين إلى برامج تصميم الرقائق الإلكترونية.
- فرض قيود إضافية على شركة هواوي الصينية.
- الإعلان عن خطة لإلغاء تأشيرات الطلاب الصينيين الإسبوع الماضي.
وردًّا على ذلك، عبرت بكين عن غضبها الدبلوماسي تجاه تصريحات وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث في مؤتمر عسكري، حيث أنذر من أن الصين “تشكل تهديدًا وشيكًا لتايوان”، الجزيرة التي تعتبرها الصين جزءًا من أراضيها.

رد الصين.. الموقف ثابت
عند سؤال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان عن منشور ترامب، قال في مؤتمر صحفي منتظم: “مبدأ الصين وموقفها من تطوير العلاقات الصينية-الأميركية ثابت ومنسجم”.
لكن بلومبيرغ لفتت إلى أن بكين لم تؤكد بعد أي خطط لإجراء محادثة مباشرة بين الزعيمين، رغم تأكيد البيت الأبيض أكثر من مرة أن اتصالًا بين ترامب وشي “مرجح” خلال هذا الإسبوع.
المعادن النادرة تعرقل التفاهم
بحسب بلومبيرغ، قال كوري كومبس، رئيس أبحاث سلاسل الإمداد للمعادن الإستراتيجية في مؤسسة “تريفيم تشاينا”، إن الخلاف الحالي يركز حول المعادن الأرضية النادرة، التي تعتبر أساسية في الصناعات الدفاعية والتقنية.
وأضاف كومبس: “من الواضح أن الجانب الأميركي كان يعتقد أن بكين ستُزيل بالكامل شرط الحصول على الموافقة لتصدير تلك المعادن، لكن يبدو أن بكين لم تفهم هذا الأمر من اتفاق جنيف”.
كان خفض الرسوم الأميركية الفترة الحالية الماضي مشروطًا بوقف القيود الصينية على تصدير المغناطيسات المصنوعة من هذه المعادن، إلا أن استمرار السيطرة الصينية على هذه الموارد دفع واشنطن إلى اتهام بكين بخرق الاتفاق.
ردود الفعل في الأسواق المالية
على الرغم من حساسية التصريحات، كانت ردود الأسواق العالمية “فاترة”، حسب وصف بلومبيرغ. فقد انخفض مؤشر الأسهم الصينية المتداول في بورصة هونغ كونغ إلى 0.5%، بينما تراجع مؤشر بلومبيرغ للدولار بنسبة طفيفة بلغت 0.1%. وتبقى عائدات سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات عند 4.45%، مما يدل على حالة من الترقب أكثر من كونه قلقاً حقيقياً في الأسواق.
ونوّهت بلومبيرغ أن الصين أظهرت مقاومة ملحوظة لأشدّ نظام تعريفي فرضته أميركا خلال قرن، بفضل برامج التحفيز الحكومية والإنفاق السنة الواسع في الربع الأول من السنة. ومع ذلك، تراجع قطاع التصنيع مؤخرًا، واستمرت أسعار العقارات في الانخفاض، مما أثر على ثقة المستهلكين الذين تعتمد ثرواتهم على سوق العقارات.

المحادثة المباشرة
في تصريحات أدلى بها يوم الجمعة الماضية من المكتب البيضاوي، عبّر ترامب عن رغبته في إجراء مكالمة هاتفية قريبًا مع القائد الصيني، على الرغم من اتهامه بكين بخرق جزء من اتفاق جنيف، حيث قال “أنا متنوّه أنني سأتحدث مع القائد شي، وآمل أن نحل هذا الأمر”.
وألمح ترامب أيضًا إلى استعداده لزيارة الصين بنفسه إذا اقتضت الحاجة، رغم عدم تحديد أي موعد للإجتماع حتى الآن.
وبحسب بلومبيرغ، فإن تصريحات ترامب الأخيرة تكشف عن عمق الإحباط داخل إدارته من نهج شي جين بينغ، مما يضع مستقبل الهدنة التجارية على المحك، خاصة مع غياب جدول زمني واضح للاتصالات المباشرة بين الزعيمين وارتفاع التوتر في مجالات التقنية والتأشيرات والمعادن النادرة.