يشهد اليمن أزمة إنسانية خطيرة تفاقمت في عدن وبقية المحافظات بسبب ارتفاع أسعار الأدوية، التي تضاعفت بنسبة 100% خلال ستة أشهر، مما جعل الحق في العلاج ترفًا لقلة. يعد انهيار الاقتصاد المحلي، مع ارتفاع سعر الدولار وغياب الرقابة الحكومية، من أسباب هذه الزيادة. يعاني المرضى من ضغوط مالية، حيث يضطرون لشراء كميات أقل من الأدوية اللازمة. تبرز فوضى السوق وغياب الدولة في مواجهة تجارة الأدوية المهربة والمقلدة، مما ينذر بكارثة صحية. يطالب المواطنون بتحرك عاجل لضبط الأسعار وحماية صحتهم.
متابعات محلية | شاشوف
في فصول المأساة الإنسانية الأحدث التي تعصف باليمن، يجد المواطن في عدن وبقية المحافظات نفسه عاجزاً ومكتوف الأيدي أمام الارتفاع الجنوني في أسعار الدواء، التي تضاعفت بمعدل 100% خلال ستة أشهر فقط، مما حول أبسط الحقوق الإنسانية، وهو الحق في العلاج، إلى ترف يقتصر على القلة. يحدث هذا الانفلات السعري في قطاع حيوي، بينما تواصل الجهات الرسمية غفوتها، تاركةً حياة الملايين تحت رحمة تجار الأزمات وتقلبات سوق سوداء للدواء لا تعرف الرحمة.
لم تعد أروقة الصيدليات في عدن مكاناً للشفاء، بل صارت مسرحاً للصدمة واليأس، إذ ارتفعت أسعار أدوية الأمراض المزمنة مثل السكري والضغط، التي لا تحتمل الانقطاع، إلى مستويات قياسية، بالإضافة إلى أسعار المضادات الحيوية وأدوية الأطفال الأساسية.
يحكي صيادلة ومواطنون يومياً قصصاً عن مرضى يغادرون الصيدليات دون شيء، أو يضطرون لشراء شريط واحد من الدواء عوضاً عن العلبة كاملة، في محاولة يائسة لإطالة فترة العلاج، التي باتت تكلفتها تتجاوز قدرتهم على شراء الطعام.
انهيار اقتصادي شامل وعملة في مهب الريح
هذه الكارثة الصحية ليست سوى عرض لمرض أعمق وأشد فتكاً، وهو الانهيار الاقتصادي الشامل الذي يضرب البلاد. مع تجاوز سعر صرف الدولار الأمريكي حاجز الـ2600 ريال يمني في عدن والمحافظات المجاورة، تلاشت القيمة الشرائية للريال، وتحولت رواتب الموظفين، إن وجدت، إلى فتات لا تكاد تكفي لطعام الجوع.
هذا التدهور الفظيع في قيمة العملة المحلية أطلق العنان لموجة تضخم غير مسبوقة شملت كافة جوانب الحياة، من أسعار المواد الغذائية والمواصلات إلى إيجارات المساكن. وجد اليمنيون أنفسهم محاصرين بأزمة معيشية خانقة دفعت بملايين الأسر إلى ما دون خط الفقر، وفقاً لمتابعات شاشوف.
وقد أرجع مستوردو الأدوية الزيادات الأخيرة إلى هذا الانهيار في سعر الصرف، وهو تبرير يتضمن جزءاً من الحقيقة، ولكن لا يعفي من المسؤولية في ظل غياب أي آلية تسعير عادلة أو رقابة حكومية.
غياب الدولة.. وفوضى تهدد بكارثة صحية
في خضم هذه الفوضى، يبرز سؤال محوري يتردد على ألسنة الجميع: أين الدولة؟ فوزارة الصحة والهيئة العليا للأدوية تبدوان غائبتين تماماً عن المشهد، تاركتين السوق للعرض والطلب الوحشي الذي لا يأخذ بعين الاعتبار حالة الطوارئ الإنسانية التي تعيشها البلاد.
يزيد من حدة الوضع ضعف الرقابة على جودة الأدوية المتداولة، إذ تنشط تجارة الأدوية المهربة والمقلدة وحتى منتهية الصلاحية، التي تجد طريقها بسهولة إلى رفوف بعض الصيدليات، وفق معلومات شاشوف، مما يزيد من المخاطر الصحية على مجتمع أصلاً يعاني من قطاع صحي منهار ومنظومة تأمين صحي غائبة.
استمرار هذا الوضع ينذر بكارثة صحية وشيكة، فالمريض الذي لا يجد دواءه أو يضطر لشراء دواء مغشوش، لا يواجه تفاقم مرضه فحسب، بل يواجه الموت البطيء. لذلك، يطالب المواطنون والناشطون السلطات المحلية في عدن والجهات الحكومية المعنية بالتحرك الفوري لضبط أسواق الدواء، وفرض تسعيرة رسمية تراعي الظروف الاقتصادية للمواطنين، وتشديد الرقابة على شركات الاستيراد والصيدليات، قبل أن يتحول اليمن إلى بلد لا يستطيع معالجة جراحه.
تم نسخ الرابط