تكليف السلطات المحلية في الجنوب تحديد نقاط دخول وتوفير الخدمات والرعاية الطبية اللازمة
حذرت المنظمة الليبية لحقوق الإنسان من انعكاسات الصراع في السودان على الأوضاع التي وصفتها بـ”الهشة” في ليبيا، مع إمكانية تدفق آلاف النازحين من دون أية ضوابط، لا سيما أن كل الحدود الليبية الترابية شبه مفتوحة.
ودعت المنظمة الليبية لحقوق الإنسان إلى “وضع خطة طارئة تتكون من ضوابط لاستقبال النازحين من السودان لأسباب إنسانية”، في بيانها الصادر أمس السبت.
وطالبت المنظمة الحقوقية “الكيانات التنفيذية من حكومات ووزارات معنية وأجهزة أمنية وكذلك القيادة العامة للقوات المسلحة بوضع ضوابط لاستقبال النازحين من السودان”.
وحثت المنظمة المجتمع الدولي على “دعم السلطات المعنية بمراقبة الحدود، بحيث تكون مراكز استقبال النازحين في أماكن قريبة من الحدود”.
وجاء هذا التحرك الحقوقي بعد مطالبة المفوض الأممي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي الأربعاء الماضي الدول المجاورة للسودان بما فيها ليبيا، “إبقاء حدودها مفتوحة أمام اللاجئين”، مؤكداً أن “الأمم المتحدة ستزيد دعمها لحكومات الدول المجاورة للسودان مع استعدادها لاستقبال أعداد أكبر من الوافدين”.
“لا استجابة”
ولم يصدر حتى اللحظة أي تعليق من حكومة الوحدة الوطنية لجهة استعدادها لاستقبال اللاجئين السودانيين من عدمه، إذ يقول مستشار المنظمة الليبية لحقوق الإنسان جابر أبو عجيلة إنهم كمنظمات ونشطاء حقوقيين تواصلوا مع جميع مكونات السلطات الليبية في الشرق والغرب لتحديد خطة تتحرك على ضوئها الدولة في حال فر عدد من النازحين السودانيين تجاه الجنوب الليبي، “ولكن لم يصدر أي تفاعل رسمي حتى الآن وكأن السودان في قارة أخرى”.
ولتفادي أية تأثيرات سلبية للمعارك السودانية في الجنوب الليبي، يطالب أبو عجيلة بـ”ضرورة الاتفاق على خطة طوارئ معلنة تشارك فيها كل الجهات المعنية الإنسانية والطبية لتتحرك في ما بعد على ضوئها”.
المتحدث ذاته يؤكد أنهم “تواصلوا مع رئاسة الوزراء والمجلس الرئاسي باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة الليبية والهلال الأحمر، ولكن من دون أية استجابة”.
وبالنسبة إلى الحلول التي يمكن اللجوء إليها حتى لا يتحول الجنوب الليبي، بخاصة مدينة الكفرة التي تعد النقطة الحدودية الأقرب لدارفور السودانية إلى ملجأ لقوات الدعم، يرى أبو عجيلة أنه “يجب تكليف السلطات المحلية في الجنوب الليبي تحديد نقاط دخول النازحين وتوفير الخدمات والرعاية الطبية اللازمة لهم، باعتبار أن القوات الموجودة في الجنوب هي من تعرف المنطقة جيداً، وهي من يجب أن تمسك بإجراءات تحديد نقاط الدخول وإقامة المخيمات وتقديم المساعدات للنازحين السودانيين، لا سيما في ظل تحدث تقارير أممية عن فرار ما لا يقل عن 20 ألف لاجئ سوداني تجاه التشاد المجاورة للدولة الليبية”.
ويحذر أبو عجيلة من “خطورة إهمال هذا الموضوع، خصوصاً أن الحرب بدأت تتمدد لتشمل كل السودان ومنها دارفور القريبة من الحدود الجنوبية الليبية، مما يفرض على حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة اتخاذ إجراءات من شأنها تحقيق الأمن في كل أرجاء ليبيا، لا سيما في ظل غياب دور الهلال الأحمر”، وفق قوله.
من جهتها أكدت حكومة فتحي باشاغا أنها مستعدة لاستقبال اللاجئين المدنيين الفارين من الصراع الدائر في السودان، وفق تصريح المتحدث الرسمي باسم وزارة داخلية باشاغا الرائد محمد لاموشة إلى “اندبندت عربية” الذي يؤكد أن “هناك خطة أمنية جاهزة في حال فرار عدد من اللاجئين السودانيين تجاه الجنوب الليبي الذي تؤمن حدوده حالياً القوات المسلحة في الشرق بالتعاون مع وزارة داخلية حكومة باشاغا”.
وأضاف لاموشة أن “الحكومة الليبية لن تجد أي صعوبة في استقبال النازحين واللاجئين من السودان، باعتبار أن الدولة الليبية أصبحت لديها تجربة في التعامل مع مثل هذه الأزمات، إذ سبق واستقبلت عدداً كبيراً من اللاجئين السوريين وأيضاً اللاجئين الليبيين الذين اضطروا إلى النزوح من مدنهم الأصلية إلى مدن أخرى بسبب المعارك المسلحة داخل مناطقهم”.
وأوضح لاموشة أن “أماكن استقبال اللاجئين جاهزة ومتوافرة بطبيعتها منذ مدة تحسباً لأي طوارئ قد تعصف بالدولة الليبية بغض النظر عن الحرب السودانية، باعتبار أن ليبيا سبق ومرت بأزمات عدة”، مؤكداً أنه لن تكون هناك مخيمات بل مقار للاجئين السودانيين أو غيرهم، فليبيا لم يسبق لها أن استقبلت اللاجئين داخل مخيمات”.
وقال إنه “لا يتوقع قدوم عدد كبير من اللاجئين إلى ليبيا، نظراً إلى أن المعارك تدور في العاصمة الخرطوم التي تبعد 2500 كلم عن أقرب نقطة حدودية مشتركة مع بلادنا”.
“مصر هي الوجهة”
عضو البرلمان جبريل وحيدة أشار إلى أنه “لا يتوقع قدوم لاجئين سودانيين إلى ليبيا بفعل بعد المسافة الفاصلة بين مركز الصراع في العاصمة الخرطوم ودارفور التي تعد المدينة السودانية الأقرب لمدينة الكفرة الليبية، حيث تقدر المسافة بينهما بأكثر من 1500 كلم”.
وتابع أن “المسافة الحدودية بين البلدين هي عبارة عن صحراء قاحلة لا حياة فيها، مما سيعرض حياة اللاجئين السودانيين لخطر الموت من التعب أو العطش أو الضياع”، ولفت إلى أنه “سبق وحصلت نزاعات قبلية دموية في السودان ولم يتجه السودانيون نحو ليبيا”، مرجحاً أن تكون موجات النزوح “تجاه مصر أكثر لأنها دولة مستقرة”.
وحذر وحيدة من “الخطر المحدق بليبيا التي ستتحول إلى ملاذ للعناصر المسلحة الفارة من الاشتباكات التي ستنقسم إلى مجموعات نهب وتهريب للبشر والوقود والجريمة المنظمة”.
المصدر :إندبندنت