لليمن تنوع ثقافي مذهل اقترن بطبيعة الحال بفلكلور شعبي غاية في الثراء والتنوع الكامنين في العادات والتقاليد والأزياء والأكلات الشعبية والرقص الشعبي، وكذلك الألوان الغنائية، واللهجات وترتبط غالبيتها بالجغرافيا.
فإذا كنت على مشارف صنعاء تدلف بالدخول سيكون رفيقك لون صنعاء الغنائي، وسترى المعمار الصنعاني تزينه القمرية والناس يرتدون الثوب والجنبية، وهي خنجر يرتديه اليمنيون كجزء من أزيائهم الشعبية، وإذا كنت في حضرموت سيرافقك الدان واللون الحضرمي، وسترى الناس يرتدون أزياء شعبية بألوان وأشكال متعددة، وإذا كنت في لحج سيرافقك اللون الغنائي الراقص، فما إن تستمع إليه حتى ينتابك شعور بحركة يديك وكأنك تلقيت أمراً بالرقص.
أما إذا كنت في أقصى الشرق اليمني، تحديداً محافظة المهرة، فأنت في مساحات واسعة من ثراء الفلكلور الشعبي بألوانه المختلفة، كون كل منطقة جغرافية لديها موروثها الشعبي الذي تتميز به عن المنطقة الأخرى في المسميات والأداء سواء كان الموروث للرجال أو للنساء، ولأن المجتمع اليمني مجتمع ذو خصوصية، فقد ظل الموروث الشعبي النسائي في إطاره الاجتماعي.
تحول رسمي
بات الموروث الشعبي في المهرة في الآوانة الأخيرة يأخذ منحى متصاعداً من الاهتمام على غير العادة، بعد أن كان محصوراً في إطاره المحلي، ويكشف مدى التحول الذي تعيشه المحافظة على المستوى الرسمي والمجتمعي، وتتحول الفعاليات الرسمية والشعبية إلى حفلات استعراض للفلكلوريات الشعبية المهرية.
بخطوات موحدة وباللباس المهري القديم، تستعرض الزهرات الموروث الشعبي للمرأة المهرية، وتأتي على رأس ذلك الموروث، الملبوسات والرقصات النسائية الخاصة التي تتميز بها نساء المهرة دون غيرهن.
رقصة البدينة
نور عبدالعزيز متخصصة بالموروث الثقافي في المهرة تقول “الألوان الغنائية في محافظة المهرة لها قواعدها ومسمياتها وتصنيفاتها، ومن أشهر الرقصات النسائية رقصة البدينة وهي رقصة نسائية تختص بها المرأة المهرية دون غيرها، إضافة إلى عشرات الرقصات الشعبية المتنوعة”. وترجع أسباب ذلك إلى جغرافية المحافظة الواسعة، فهناك تنوع في المسميات وطريقة الأداء، فمثلاً مديرية قشن عندها رقصات لها مسميات تمجيدية مثل رقصة الزم والبليلة، فتختلف أنواع المسميات وطريقة الأداء من منطقة إلى أخرى، وتؤدى هذه الرقصات غالباً في مراسم الزفاف ومناسبات الفرح ولها شروط وطرق، فمثلاً رقصة البدينة وهي أول رقصة تبدأ في مراسم الزفاف وتعني البداية، وهي عبارة عن دق المرأة على الأرض مرة واحدة لابسة الخلخال، ما يسمى بالمهرية حاجل على صوت الطبل والغناء المهري.
وتضيف نورعبدالعزيز أن هذه الرقصة تبدأ فور الانتهاء من مرحلة “الفوالة” أي تقديم الحلوى والقهوة، وبعدها يبدأ دق الطبول وتبدأ النسوة برقصة البدينة.
سارة محمد مذيعة في إذاعة محلية في المحافظة تقول “إن رقصة البدينة خاصة بالنساء في بلدة الغيضة وضواحيها تؤدى في الأعراس ولها أصوات وطقوس عدة، تبدأ بلبس الفتاة الثوب المهري المعروف بشكله التراثي المعهود، ثم تأخذ طرف ذيل الثوب وتمسكه بطرف أصابع يدها اليمنى وترفع يدها اليسرى إلى زاوية موازية ليدها اليمنى، وتضرب برجلها على الأرض، وتلعب على قرع الطبول المصحوبة بأغنية بدينة وناقش الخلخال المعروفة.
ثم رقصة الرستين وهي طريقة رقصة البدينة نفسها مع فارق بدلاً من خبط رجلها مرة على الأرض تخبطها مرتين على قرع الطبل والغناء.
أنواع الرقصات
وتقول أشواق عوشن، مديرة تنمية المرأه في مديرية قشن وهي العاصمة التاريخية للمهرة، عندنا رقصة الزم ولها دقة معينة وكلمات تخص قبيلة الفتاة التي ترقص عليها أي لكل قبيله كلمات خاصة بها.
ورقصة المسرة تأتي بعد الزم وتسمى المسرة، لها كلمات ودقات مختلفة كلهن يرقصن عليها إذ لا تخص قبيلة معينة، وبعدها تأتي الشرح على وقع مختلف من الطبل، فتاتان متقابلتان ترقصان على أنغامها.
ثم رقصة التمهود وأيضاً لها إيقاع مختلف وحركات مختلفة عن الرقصات السابقة.
وهناك رقصة شعبية تسمى الخبت خاصة بالسمر في الليل، وأيضاً الكبارة وهي انفراد تتميز بها قشن عن غيرها من المناطق.
وعن أسباب التنوع تقول أشواق عوشن، إنها موروثات شعبية وتقاليد لها عمر من الزمن، وكلها تؤدى في الأفراح والمناسبات السعيدة.
المصدر : اندبندنت