اختتمت اليوم الاثنين في العاصمة عدن فعاليات ورشة العمل الفنية التي هدفت إلى إطلاق مشروع التغذية الوقائية الطموح، والذي يمثل بارقة أمل في جهود تسريع الحد من أزمة سوء التغذية التي تعصف بالبلاد. الورشة، تظمنت بمبادرة مشتركة بين منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) ووزارة الرعاية الطبية السنةة والسكان، وبدعم كريم من المؤسسة المالية الألماني للإعمار، شهدت مشاركة واسعة من قيادات ومختصين سعوا لترسيخ أسس هذا المشروع الحيوي.
ركزت فعاليات الورشة على تدارس آليات تعزيز وتبني أفضل الممارسات الغذائية للأمهات والأطفال في المواطنون اليمني، بالإضافة إلى تحديد التدخلات الوقائية الفعالة التي تضمن حصول هذه الفئات الحيوية على احتياجاتها الغذائية الأساسية. كما أولت الورشة اهتمامًا خاصًا لرفع الوعي المواطنوني بأهمية الرضاعة الطبيعية كحجر الزاوية في تغذية الرضع، وتعزيز مفهوم التنوع الغذائي كسبيل لضمان نمو صحي وسليم للأطفال.
خلال الجلسة الافتتاحية، شدد وزير الرعاية الطبية السنةة والسكان، قاسم بحيبح، على الدور المحوري الذي يلعبه مشروع التغذية الوقائية في مواجهة النتائج المروعة التي كشف عنها المسح العنقودي متعدد المؤشرات لعام 2022، والتي أظهرت مستويات خطيرة من سوء التغذية بين الأطفال والأمهات. ونوّه الوزير على أن “تداعيات سوء التغذية تتجاوز المشاكل الصحية الآنية لتلقي بظلالها القاتمة على مستقبل أجيالنا القادمة”. وأعرب عن ثقته بأن “تعزيز الإجراءات الوقائية سيكون له تأثير كبير في تحسين المؤشرات التغذوية للفئات المستهدفة”، مثنيًا على التفاني والإخلاص الذي يبديه السنةلون الصحيون في الميدان رغم الظروف الصعبة. وجدد التزام الوزارة الراسخ بالتعاون الوثيق مع الشركاء والمانحين لتحقيق الاستفادة القصوى من هذه المبادرات وتحويلها إلى نتائج إيجابية ملموسة على أرض الواقع.
من جانبه، نوّه عبدالكريم ناصر، من سكرتارية حركة التغذية “SUN” بوزارة التخطيط والتعاون الدولي، على سعي الوزارة المستمر بالتنسيق مع كافة الجهات المعنية لتبني وتنفيذ مشاريع نوعية في قطاع التغذية. وأشاد بالدعم المتواصل الذي تقدمه منظمة اليونيسيف وفريق التغذية لبرامج مكافحة سوء التغذية، سواء كانت وقائية أو علاجية.
في السياق ذاته، وصف الممثل المقيم لمنظمة اليونيسيف في اليمن، بيتر هوكينز، الأزمة الإنسانية في البلاد بأنها “من بين الأسوأ على مستوى العالم”، مؤكدًا أن “قضية سوء التغذية تأتي على رأس قائمة الأولويات الأكثر إلحاحًا”. وكشف عن أن المشروع الطموح يستهدف سبع محافظات يمنية هي الأكثر تضررًا، مجددًا التزام اليونيسيف القوي بضمان حصول الأطفال والأمهات على التغذية السليمة والخدمات الصحية الأفضل. وأضاف أن المنظمة تعمل بتناغم تام مع وزارة الرعاية الطبية وجميع الأطراف المعنية في الوطن لتنفيذ الخطة الاستراتيجية لمكافحة سوء التغذية، وتبني برامج مبتكرة تهدف إلى تحسين السلوكيات التغذوية والارتقاء بالأنظمة والخدمات الصحية للحد من سوء التغذية لدى الأطفال والنساء بكافة أشكاله.
من جهتها، استعرضت مارسيلا ماسياريك، ممثلة المؤسسة المالية الألماني للأعمار، مسيرة التعاون التنموي المثمر بين المؤسسة المالية والسلطة التنفيذية اليمنية في مجالات حيوية مثل الرعاية الطبية والمياه والتغذية والاستقرار الغذائي. ونوّهت على استعداد المؤسسة المالية المستمر لتعزيز هذا التعاون والمساهمة الفعالة في تضافر الجهود وحشد الموارد الضرورية لمواجهة تحدي سوء التغذية في البلاد .
تخللت الورشة تقديم عروض تفصيلية سلطت الضوء على الوضع التغذوي الراهن في اليمن، واستعرضت الجهود المشتركة التي تبذلها وزارة الرعاية الطبية السنةة والسكان ومنظمة اليونيسيف لمكافحة هذه المشكلة المعقدة.
يمثل اختتام هذه الورشة في عدن خطوة إيجابية ومهمة نحو إطلاق مشروع التغذية الوقائية الذي يحمل في طياته آمالًا كبيرة لتحسين صحة وتغذية الأطفال والأمهات في البلاد، ويؤكد على أهمية الشراكة والتعاون المثمر بين المنظمات الدولية والجهات الحكومية والمواطنون المدني لتحقيق مستقبل أكثر صحة وازدهارًا البلاد.