أعلن وزير المالية السعودي محمد الجدعان أن المملكة ستواصل إنفاقها الحكومي لدعم النمو، رغم مراجعة مشاريعها الكبرى في ظل انخفاض أسعار النفط. وأكد أن الوضع الحالي يُعتبر فرصة لتقييم البرامج المالية والتنموية وتجنب التسارع المفرط في تنفيذ المشاريع. تستعد المملكة لميزانية 2025 بأسلوب إنفاق توسعي، مع توقع قدرة الناتج المحلي على النمو بنحو 4.6%. كما تُفكر أرامكو في بيع أصول غير أساسية لتوفير السيولة التمويلية لمشاريع ‘رؤية 2030’. الوزير أشار إلى أهمية استدامة النمو بدلاً من التركيز على التوازن المالي قصير الأجل.
الاقتصاد العربي | شاشوف
في خطوة تعكس استراتيجية حذرة تجاه المتغيرات الاقتصادية العالمية، أعلن وزير المالية السعودي، محمد الجدعان، أن المملكة ستستمر في تنفيذ خطط إنفاقها الحكومي لدعم النمو، لكنها ستخضع أولويات الصرف ومشاريع التنمية الكبرى لمراجعة دقيقة.
تأتي هذه التصريحات، التي أُدلي بها في حوار خاص مع صحيفة ‘فاينانشيال تايمز’ اليوم الخميس، في وقت تتراجع فيه أسعار النفط، ويتزايد فيه عدم اليقين حول الاقتصاد العالمي، مما دفع أكبر مصدر للنفط في العالم لإعادة تقييم شامل لخططها الطموحة.
وأكد الجدعان، وفق اطلاعه من شاشوف، أن المرحلة الحالية، رغم التحديات التي تحملها، تمثل ‘فرصة ذهبية’ للمملكة لتقييّم برامجها المالية والتنموية بشكل معمق. وشدد على أن الحكومة السعودية ‘لن تضيع هذه الأزمة’. وأضاف الوزير أنه على الرغم من الصعوبات الحالية، يمكن أن تكون دافعًا لاتخاذ قرارات جريئة وإصلاحات هيكلية حيوية، قائلاً: ‘يعتقد بعض الناس أن ما يجري في العالم هو أزمة، لكن اقتصادنا يسير بنجاح؛ إنها فرصة لمراجعة الأمور – وإذا كانت هناك فرصة لفعل شيء جريء، فعلينا اغتنامها’.
وتساءل الجدعان عن مدى سرعة تنفيذ المشاريع الكبيرة ضمن ‘رؤية 2030’: ‘هل نتسرع في إنجاز المشاريع؟ هل توجد عواقب غير متوقعة؟ هل ينبغي علينا التأجيل أو إعادة الجدولة أو التسريع؟’.
ميزانية 2025 وسياسة ‘مضادة للتقلبات’
تأتي هذه المراجعة ضمن استعدادات المملكة لميزانية عام 2025، التي من المتوقع أن تستمر في تطبيق منهج إنفاق توسعي لدعم أهداف ‘رؤية 2030’، مع توقعات بنمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تصل تقريبًا إلى 4.6%، مدعومًا بشكل رئيسي بالقطاعات غير النفطية.
وعلى الرغم من التوقعات بعجز مالي قد يتراوح بين 2.3% و2.7% من الناتج المحلي الإجمالي (حوالي 101 مليار ريال سعودي)، أكد الجدعان أن اتساع العجز المالي إلى 3% أو 4% أو حتى 5% لا يُعتبر مقلقًا طالما أن هذا الإنفاق يساهم بفعالية في تنمية القطاعات غير النفطية وتنويع مصادر الدخل.
وشدد وزير المالية على أن الهدف الأساسي للسياسية المالية السعودية هو تجنب الوقوع في ‘فخ الدورات الاقتصادية بين الازدهار والانكماش’، الذي عانى منه الاقتصاد السعودي تاريخيًا بسبب اعتماده الكبير على النفط.
كما أوضح أن الحكومة السعودية تتبع نهجًا ‘مضادًا للتقلبات’، حيث يُوجه الإنفاق لدعم النمو المستدام بدلاً من السعي المضني لتحقيق توازن الميزانية على المدى القصير، مشيرًا إلى أن المملكة تمتلك احتياطيات مالية وفيرة، واحتياطيات أجنبية كافية، و’مساحة واسعة’ في هوامشها المالية تسمح لها بالتعامل مع الصدمات الخارجية.
أرامكو وإعادة هيكلة الأصول: البحث عن سيولة لتمويل الطموحات
في تطور مميز يعكس رغبة المملكة في تأمين سيولة لتمويل مشاريعها التحويلية، أظهرت تقارير حديثة أن شركة النفط الوطنية العملاقة ‘أرامكو السعودية’ تدرس بعناية إمكانية بيع عدد من أصولها غير الأساسية، وفقًا لمتابعات شاشوف. ويأتي هذا الاتجاه، حسب مصادر مطلعة تواصلت مع وكالة رويترز، في إطار سعي الشركة لتأمين سيولة نقدية إضافية تساعد في تمويل خطط توسعها العالمية الطموحة، وتحسين كفاءتها التشغيلية، والتكيف مع تأثيرات تراجع أسعار النفط الخام على إيراداتها.
ويرى محللون أن هذا الاتجاه يعكس ضغطًا ماليًا لتأمين التمويل اللازم للمشاريع الضخمة ضمن ‘رؤية 2030’ والحفاظ على مستويات توزيعات الأرباح العالية.
ومن جهة أخرى، يُعتبر ذلك مؤشرًا على التزام المملكة بتنفيذ إصلاحات اقتصادية جذرية وإعادة هيكلة أصولها الاستراتيجية لتعزيز الاستفادة منها، بما في ذلك زيادة الاستثمار في قطاعات جديدة ومساعدتها مثل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا المتقدمة، وتقليل الاعتماد الكلي على النفط كمصدر رئيسي للدخل.
‘رؤية 2030’: بين تحقيق الأهداف وتحديات التنفيذ
تأتي تصريحات الجدعان الأخيرة في وقت تواجه فيه ‘رؤية 2030’، والتي تم إطلاقها من قبل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بعض التحديات بعد مرور أكثر من ثماني سنوات على بدايتها. وعلى الرغم من تأكيد الوزير أن العديد من أهداف الرؤية قد تحققت بالفعل أو في طريقها للتحقق، مما يمنح الحكومة ‘ثقة كبيرة’، إلا أنه أشار إلى أن المملكة ‘ليست متراخية’.
كما أشار الجدعان سابقًا إلى إمكانية تأجيل أو تسريع وتيرة بعض المشاريع، موضحًا أن المملكة تتجنب دفع اقتصادها إلى حالة ‘التسارع المفرط’ التي قد تتجاوز قدرة الاقتصاد المحلي على الاستجابة، مما قد يزيد الاعتماد على الاستيراد بدلاً من تطوير القدرات الإنتاجية المحلية.
تم نسخ الرابط
(function(d, s, id){
var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0];
if (d.getElementById(id)) return;
js = d.createElement(s); js.id = id;
js.src = ‘//connect.facebook.net/ar/sdk.js#xfbml=1&version=v3.2’;
fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs);
}(document, ‘script’, ‘facebook-jssdk’));