إعلان


تأثر الاقتصاد المصري بشكل واضح جراء التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران، مما أدى إلى ضغوط كبيرة على قطاع السياحة. ظهرت زيادات ملحوظة في نسب إلغاء الحجوزات، التى تجاوزت 10%، مع استمرار التوقعات في الارتفاع. بعض الشركات سجلت تراجعاً يصل إلى 70% في الحجوزات الجديدة، مما ينذر بعائدات منخفضة خلال الموسم السياحي. كما تراجعت خطط الحكومة لاستقبال 18 مليون سائح بحلول 2025، بسبب المخاوف المتزايدة. إذا استمرت الأزمة، قد تتضاعف الخسائر الاقتصادية الإقليمية، ما يهدد مستقبل السياحة في مصر.

الاقتصاد العربي | شاشوف

إعلان

في خضم التصعيد العسكري المتزايد بين إسرائيل وإيران، بدأت رياح الحرب تتجاوز حدود الجغرافيا المباشرة، لتطال القطاعات الاقتصادية الحيوية في دول الجوار، وأبرزها مصر، التي تشهد ضغوطاً واضحة على قطاع السياحة، أحد أعمدة اقتصادها. بينما كانت القاهرة تأمل في عام سياحي قوي، تبدو التوقعات حالياً أكثر سلبية مع تسجيل نسب إلغاء متزايدة في الحجوزات، وتجميد شبه كامل لأي طلبات جديدة.

أكّد مسؤولو أربع شركات سياحية كبرى في مصر – في تصريحات خاصة نقلتها بلومبيرغ – أن متوسط نسب الإلغاء للحجوزات السياحية الوافدة قد تجاوز 10% منذ نهاية الأسبوع الماضي، بالتزامن مع تصاعد الضربات المتبادلة بين إسرائيل وإيران. ويتوقع المسؤولون زيادة أكبر في نسب الإلغاء خلال الأسابيع المقبلة، في ظل المخاوف المتزايدة من توسع المواجهات وتحولها إلى حرب إقليمية شاملة.

وفقًا لمتابعات مرصد شاشوف، فإن نسب التراجع في الحجوزات الجديدة وصلت في بعض الشركات إلى حوالي 70%، مما يثير القلق من انكماش كبير في العائدات خلال موسم الصيف، الذي يُعتبر ذروة النشاط السياحي في مصر.

خطط 18 مليون سائح في مهب الريح

كان رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي قد أعلن في يناير الماضي أن الحكومة تستهدف استقبال 18 مليون سائح بنهاية عام 2025، بزيادة قدرها 14% عن العام السابق. لكن المؤشرات الحالية تُهدد بتحقيق نتائج أقل بكثير من المتوقع، خاصة أن الأسواق الأوروبية – التي تُعتبر أحد أهم مصادر الزوار لمصر – بدأت تُظهر تردداً متزايداً في إرسال المسافرين إلى الشرق الأوسط.

وفق بيانات البنك المركزي المصري، التي اطلع عليها شاشوف، فقد قفزت إيرادات السياحة في البلاد بنسبة 9% خلال عام 2024، لتسجل مستوى قياسيًا بلغ 15.3 مليار دولار. لكن هذا الزخم مهدد بالتلاشي إذا استمرت الحرب أو توسعت إلى دول مجاورة.

أكد “محمد أشرف”، مدير تطوير الأعمال في شركة “بلو سكاي” للسياحة، لبلومبيرغ أن شركته لم تتلق أي حجوزات جديدة منذ بداية الأزمة من أسواقها التقليدية في فرنسا وألمانيا والمجر والتشيك. وأوضح أن الإقبال الحالي يقتصر فقط على بعض الزوار من شرق أوروبا، الذين يبدو أنهم أقل تأثراً بالمخاوف السياسية والأمنية.

وذكر مسؤول بإحدى الشركات السياحية – طلب عدم الكشف عن هويته – أن التأثير الأكبر يطال حالياً برامج “السياحة الثقافية”، التي تشمل زيارات للأماكن الأثرية في القاهرة والأقصر وأسوان، والتي تتطلب تنقلاً مستمراً عبر وسائل النقل والمناطق المختلفة، مما يجعلها أكثر عرضة للإلغاء مقارنة بالسياحة الشاطئية التي يبقى فيها السائح داخل نطاق الفندق.

تشير متابعات مرصد شاشوف إلى أن شركة مصر للطيران ألغت رحلات جوية إلى عدد من العواصم الإقليمية مثل عمّان وبيروت وأربيل وبغداد كخطوة احترازية نتيجة تزايد المخاطر الأمنية في الأجواء الإقليمية.

الشرق الأوسط: اقتصاد على فوهة بركان

لا تتوقف ارتدادات الحرب عند مصر، فالتصعيد بين طهران وتل أبيب يرسم صورة قاتمة للاقتصاد الإقليمي. أفاد تقرير نشرته وكالة بلومبيرغ في مطلع يونيو 2025 أن الصراع الجاري قد يؤدي إلى خفض معدلات النمو في الشرق الأوسط بنحو 1.7 نقطة مئوية خلال العام الجاري، مقارنة بتوقعات صندوق النقد الدولي التي توقعت نمواً بنحو 3.5%.

في حال تحول الاشتباك الجاري إلى حرب مفتوحة، تشير تقديرات بلومبيرغ إلى أن المنطقة قد تخسر أكثر من 400 مليار دولار من إجمالي الناتج المحلي حتى 2026، نتيجة تراجع الاستثمارات، وارتفاع أسعار النفط، واضطرابات سلاسل التوريد، وتدهور القطاعات الخدمية، وخاصة السياحة.

يشير تقرير حديث للبنك الدولي إلى أن كل أسبوع من تعطّل حركة الطيران الإقليمي قد يُكبد المنطقة خسائر تتجاوز 1.2 مليار دولار، تتوزع بين شركات الطيران، والفنادق، والأنشطة المرتبطة بالسياحة والنقل والخدمات اللوجستية.

رئيس شركة “أمكو للسياحة”، أوضح في تصريحاته لبلومبيرغ أن هناك إلغاءات بدأت تظهر في برامج السياحة المشتركة، التي كانت تضم زيارات إلى إسرائيل والأردن ومصر ضمن جولة واحدة. وأشار إلى أن العديد من شركات السفر الأوروبية أوقفت مؤقتًا بيع هذه البرامج بانتظار وضوح المسار السياسي والعسكري.

مستقبل محفوف بالمخاطر رغم المبادرات الحكومية

في أكتوبر 2024، أطلقت الحكومة المصرية مبادرة دعم للقطاع السياحي بقيمة 50 مليار جنيه (حوالي 1.6 مليار دولار) عبر قروض مدعومة بفائدة متناقصة تبلغ 12%، لدعم الشركات وتوسيع الطاقة الفندقية، ضمن خطتها للوصول إلى 30 مليون سائح بحلول عام 2031.

لكن الأزمة الحالية تضع هذه الخطط الطموحة على المحك، إذ بات المستثمرون والمشغلون السياحيون في حالة ترقب، خشية أن تتحول الأزمة الجيوسياسية إلى عقبة دائمة أمام نمو القطاع.

يرى عضو الاتحاد المصري للغرف السياحية “حسام هزاع” أن الصيف كان مرشحاً ليكون موسماً استثنائياً، خاصة مع اقتراب افتتاح المتحف المصري الكبير نهاية العام، لكنه حذّر من أن تأخير الافتتاح بالإضافة إلى الوضع الإقليمي قد يؤثّران سلباً على معدلات التدفق السياحي المنتظر.

واقع الأمر هو أن الحرب الإسرائيلية–الإيرانية لا تُهدد فقط أمن المنطقة، بل تضرب في عمق محركات النمو. ومصر، باعتبارها واحدة من أكثر الدول اعتماداً على السياحة، تجد نفسها في قلب هذه العاصفة، وتأمل أن تنتهي قريباً قبل أن تتحول إلى إعصار يُقوّض خططها الاقتصادية للسنوات القادمة.

لكن إن استمرت الأزمة، فإن الحديث عن موسم سياحي واعد سيتحوّل إلى مجرد أمنية، في وقت لم تعد فيه الجغرافيا قادرة على حماية أحد من نيران الحرب.


تم نسخ الرابط

(function(d, s, id){
var js, fjs = d.getElementsByTagName(s)[0];
if (d.getElementById(id)) return;
js = d.createElement(s); js.id = id;
js.src = ‘//connect.facebook.net/ar/sdk.js#xfbml=1&version=v3.2’;
fjs.parentNode.insertBefore(js, fjs);
}(document, ‘script’, ‘facebook-jssdk’));

إعلان
المقالة السابقةالبنوك المركزية تشهد زيادة في احتياطات الذهب وتخفف من التراجع: مسح WGC
المقالة التاليةأفضل 10 أماكن للعيش في العالم
شاب يمني مستقل ينتمي لليمن خاصة والوطن العربي عامة ويسعى لتقريب وجهات النظر بين المثقفين اليمنيين باختلاف أطيافهم وتوجهاتهم السياسية، هدفه من شبكة شاشوف نقل الاخبار والمعلومات الى العالم عبر عدة وسائط على الانترنت وجعل شاشوف منصة تستوعب ابرز الكتاب والصحفيين وصناع المحتوى في كل المدن اليمنية إن شاء الله لنشر أخبارا غير متحيزة ودقيقة وتغطية أهم الأحداث بمعلومات مبنية على الخبرة و التحليل المعمق. وتضع شاشوف اهتمامات وحاجات المتابعين وجودة المحتوى في بؤرة اهتماماتها. https://www.facebook.com/shashoff

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا