إعلان

تسببت اعتداءاتهم منذ بداية العام الحالي بمقتل 20 فلسطينياً، ثمانية منهم منذ السابع من أكتوبر

بينما يركز العالم أنظاره على الحرب المشتعلة بين قطاع غزة وإسرائيل منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، ينهمك المستوطنون بالضفة الغربية في استغلال هذا الوضع بدخول القرى وإرهاب المزارعين الفلسطينيين وطردهم من أراضيهم بتصعيد الاعتداءات، التي تزامنت مع بدء موسم قطاف الزيتون الذي يقبل الفلسطينيون عليه في مثل هذا الوقت من كل عام. وبعد أن كانت العادة المتكررة للمستوطنين هي اقتحام القرى الفلسطينية وأطراف المدن، وخطّ شعارات ضد الفلسطينيين على الجدران وإحراق مركبات هنا وهناك، أو إتلاف المحاصيل الزراعية، وصل الأمر هذه المرة الى القتل والتهديد بالذبح. ليتحوّل الموسم الذي تنتظره الآف العائلات الفلسطينية بفارغ الصبر، إلى ساحة حرب واشتباك وخوف، بخاصة بعدما أقدم أربعة مستوطنون، أحدهم يحمل بندقية “أم 16” بإطلاق النار بدون سابق إنذار، على بلال أبو صالح (40 سنة) وقتله أمام عائلته وأولاده فيما كانوا يقطفون الزيتون في أرضهم الواقعة قرب السياج الأمني المحيط بمستوطنة “راشليم” الإسرائيلية. كما دهم مستوطنون آخرون قرى فلسطينية قريبة من المستوطنات وسرقوا معدات خاصة لقطف ثمار الزيتون من المزارعين، تحت تهديد السلاح والاعتداء عليهم بالضرب.
ويعتبر العديد من المزارعين أن موسم الزيتون هذا العام هو الأسوأ على الإطلاق، ليس بتصاعد وتيرة اعتداءات المستوطنين عليهم وحسب، بل بفعل إغلاق السلطات الإسرائيلية للعديد من الطرق الموصلة إلى حقولهم، ما حال دون الوصول اليها. وتعتمد قرابة 100 ألف أسرة فلسطينية على قطاع الزيتون كمصدر أساس للدخل. ووفق أرقام وزارة الزراعة الفلسطينية والقطاع الزراعي، تُقدّر المساحة المزروعة بأشجار الزيتون بقرابة مليار متر مربع، بواقع 13 مليون شجرة، منها 10 ملايين شجرة مثمرة و3 ملايين شجرة صغيرة، لتكون بذلك الجوانب الاقتصادية لزيت الزيتون مهددة بقوة هذا العام، نظراً لاعتبار الزيتون أحد المكونات الأساسية للأمن الغذائي.

إعلان

استنفار شعبي

ولم تقف الاعتداءات النوعية للمستوطنيين عند هذا الحد، بل وصل الأمر حد تهديد مزارعين فلسطينيين من قرية دير إستيا غربي سلفيت شمالي الضفة الغربية، بتكرار نكبة عام 1948 .وجاء في نص رسالة التهديد التي تركها مستوطنون على زجاج المركبات الفلسطينية “إذا أردتم نكبة مثيلة لنكبة 1948 فوالله ستنزل على رؤوسكم الطامة الكبرى قريباً، لديكم آخر فرصة للهروب إلى الأردن بشكل منظم، فبعدها سنجهز على كل عدو وسنطردكم بقوة من أرضنا المقدسة التي كتبها الله لنا”.

ووفقاً لمكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (اوتشا)، كان الأسبوع الذي أعقب هجوم “حماس” هو الأسبوع الأكثر دموية بالنسبة للفلسطينيين في الضفة الغربية منذ أن بدأ الإبلاغ عن القتلى في عام 2005، حيث قُتل ما لا يقل عن 75 فلسطينياً على يد الجيش الإسرائيلي أو المستوطنين، وارتفعت حوادث عنف المستوطنين من ثلاثة في اليوم إلى ثمانية في المتوسط، وهذا أعلى متوسط يومي للحوادث المرتبطة بالمستوطنين وتلحق الضرر بالفلسطينيين، منذ أن استهلت الأمم المتحدة تسجيل هذه البيانات في عام 2006. وبحسب توثيقات “هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية” (حكومية)، تسببت اعتداءات المستوطنيين منذ بداية العام الجاري بمقتل 20 فلسطينياً، ثمانية منهم منذ السابع من أكتوبر المنصرم. وأفاد المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، أن حجم الاعتداءات التي استهدفت أشجار الزيتون من قبل المستوطنيين العام الماضي، بلغت نحو 354 عملية اعتداء، تسببت بتدمير نحو 10291 شجرة زيتون.
وإثر تصاعد حدة الاعتداءات، أكدت الحملة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان، على أهمية العمل المشترك مع جميع الجهات المختصة من أجل بناء خطة شاملة لمواجهة اعتداءات المستوطنيين. ودعا مسؤول ملف الاستيطان في الضفة الغربية غسان دغلس، إلى تفعيل المقاومة الشعبية والاستنفار الشعبي على صعيد النقابات والاتحادات ومجالس الطلبة، من أجل حماية الموسم، وقال إن “عسكرة المزارعين هذه الأيام ضرورية من أجل الوصول إلى موسم زيتون آمن لهم ولمحاصيلهم”. بدوره، قال وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني رياض المالكي إن “إرهاب المستوطنين يتواصل بهدف مباشر يرمي لإرهاب الفلسطينيين ومنعهم من الوصول إلى حقولهم وقطف زيتونهم”. وأضاف في بيان “تم تسليح المستوطن من قبل دولة الاحتلال، وتدريبه على قتل الفلسطيني، وحمايته من قبل الجيش الإسرائيلي ودعمه عبر التشريعات التي يصوغها القتلة أنفسهم. إنه نظام إرهابي متكامل”.

نقطة غليان

من جهتها، حذرت جهات إسرائيلية من أن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ينشئ “ميليشيا مسلحة” تحت إمرته، من شأنها أن تفجر الأوضاع في الضفة الغربية وإسرائيل معاً، بخاصة بعد أن شوهد في مقاطع فيديو نشرت أخيراً، وهو يوزع شخصياً بنادق هجومية على مستوطنين، تزامناً مع ارتفاع غير مسبوق، لمبيعات الإسحلة النارية للمدنيين في إسرائيل تخوفاً من حدوث مزيد من الاضطرابات.

وأعلن بن غفير عبر حسابه على منصة “إكس”، إنشاء فرق احتياطية في المجالس الإقليمية وفي المدن من خلال آلاف المتطوعين الذين سيتم تجنيدهم وتزويدهم بالأسلحة ووسائل الحماية، مشيراً إلى أن عددها سيبلغ 600 فرقة. وقال في تغريدة، “تم حتى الآن شراء نحو 4 آلاف قطعة سلاح من أصل نحو 20 ألف قطعة، سيتم شراؤها”. وأضاف “تم بالفعل توزيع نحو ألفي قطعة سلاح على عشرات المستوطنات في المناطق الشمالية والساحلية، وسيتم توزيع مزيد من الأسلحة على المستوطنات”.

قفزة تاريخية للبيتكوين: هل تعود أمريكا كمركز للعملات الرقمية؟

البيتكوين يتجاوز 97 ألف دولار: آمال جديدة في سوق العملات المشفرة

0
البيتكوين تسجل مستوى تاريخياً جديداً سجلت عملة البيتكوين مستوى تاريخياً جديداً، متجاوزةً 97 ألف دولار للوحدة لأول مرة على الإطلاق. هذا الارتفاع الكبير يعكس حالة...

جدول المحتويات

وأفادت “القناة 12” الإسرائيلية، بأن رئيس جهاز الأمن العام “الشاباك”، رونين بار، حذر مجلس الحرب والحكومة الأوسع، ومؤسسة الجيش، بشأن مساهمة الخطوة التي قام بها بن غفير بتوزيعه للأسلحة وتبعاتها الكارثية على المجتمع الإسرائيلي. كما حذرت الولايات المتحدة وفرنسا من أن الوضع في الضفة الغربية وصل إلى نقطة غليان. ونقلت القناة عن مصادر إسرائيلية قولها “من المرجح أن تؤدي هذه الأحداث إلى اشتعال في المنطقة والإضرار بالمجهود الحربي ضد “حماس”. وأشارت إلى إن بعض صناع القرار الإسرائيليين يحثون الوزيرين اليمينيين المتطرفين بتسلئيل سموتريش وإيتمار بن غفير على “تحمل المسؤولية وتهدئة الأمور” وذلك بعد أن دافعا عن عنف المستوطنين بالضفة، باعتباره دفاعاً عن النفس. ووفقاً لمنظمة “يش دين” الإسرائيلية فإن 62 بلدة وقرية فلسطينية على الأقل، شهدت أكثر من 100 حادثة عنف واعتداءات من قبل المستوطنين منذ السابع من أكتوبر 2023.

تهجير متصاعد

وبحسب منظمات حقوقية، فإن المستوطنين يستغلون حقيقة أن الاهتمام المحلي والدولي يتجه نحو غزة، لمواصلة طرد السكان الفلسطينيين من التجمعات الرعوية في المناطق المعزولة في الضفة الغربية، وإحدى هذه المناطق، هي وادي السيق، الواقعة قرب رام الله، وكانت موطناً لمجتمع بدوي فلسطيني يبلغ عدد سكانه حوالي 200 شخص. وأفاد عدد من الأهالي عن أضرار لحقت بممتلكاتهم، من ضمنها هدم مبانٍ، وسرقة مواشٍ، وقطع أشجار، وسرقة محاصيل زراعية، وإتلاف خزانات مياه، وتقطيع أنابيب مياه، وتحطيم ألواح شمسية. كذلك، سد مستوطنون طرقاً زراعية يستخدمها سكان التجمعات الفلسطينية ومنعوهم من الوصول إلى أراضيهم. وفي حالات عدة، أمر مستوطنون وجنود إسرائيليون، الأهالي بإخلاء منازلهم وأراضيهم خلال مهلة محددة وتوعدوهم بالأذى إذا ما أبوا. وقال رئيس المجلس المحلي عبد الرحمن أبو بشير “جاء المستوطنون مع الجيش، وكانوا ملثمين ويحملون السلاح وقالوا لنا اذهبوا إلى غزة أو الأردن. وبعد أن ضربوا البعض وأطلقوا النار، اضطررنا للفرار، وتركنا وراءنا كل شيء لنحمي أطفالنا”.
ويقدّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة “أوتشا”، أن ما لا يقل عن 74 أسرة فلسطينية من 13 تجمعاً رعوياً أو بدوياً، قد هُجّرت منذ بدء الاحداث في المنطقة (جيم) بالضفة الغربية، بسبب تصاعد عنف المستوطنين، وهي مناطق تضم 545 فرداً أكثر من نصفهم أطفال، وينضم هؤلاء إلى ستة تجمعات فلسطينية أخرى، كانت رحلت عن منازلها خلال السنتين الأخيرتين، وتعدّ معاً أكثر من 450 شخصاً. وكتبت ماري لولور، المقرر الخاص المعني بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، قبل أيام على صفحتها بموقع “إكس”، “نحثّ السلطات الإسرائيلية على اتخاذ خطوات فورية لإنهاء عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين وضمان حماية السكان الفلسطينيين”.

استغلال الحرب

وبحسب منظمة “كيرم نافوت” التي تعمل من أَجِل مراقبة وبحث سياسة الأراضي الإسرائيلية في الضفة الغربية، نجح المستوطنون عملياً في السيطرة، أو في منع وصول الفلسطينيين، في المنطقة الواقعة بين “شارع ألون” غرباً، وطريق 90 (غور الأردن) شرقاً، وطريق معرجات (طيبة) في الجنوب وطريق 505 (دوما) في الشمال، مع إخلاء أكبر مجتمعين في المنطقة (وادي السيق وعين الرشاش)، حيث لم يتبق سوى عدد قليل من السكان في المنطقة.

ووفقاً لمركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة (بتسيلم) ومنظمة “يش دين” الحقوقية الاسرائيلية، فإن أعمال الترهيب والتهجير القسري التي تم الإبلاغ عنها في منطقة “وادي السيق” تكررت في المجتمعات المحلية في جميع أنحاء المنطقة منذ 7 أكتوبر الماضي. وحذرت المنظمتان من أن التهديدات الأخيرة التي يطلقها المستوطنون ليست مجرد ثرثرة، وإنما تنذر بخطر حقيقي وشيك سيلحق بالسكان الفلسطينيين، حيث لم يترك هذا الواقع أمامهم أي خيار آخر سوى الفرار.

الوقالت منظمة “بتسيلم” في تقرير موسع لها قبل أيام “بالنظر إلى ما يجري على أرض الواقع، يبدو أن المستوطنين يتصرفون، تحت غطاء الحرب، بلا أي وازع أو رادع، حيث لا أحد يعمل على وقف عنفهم، إذ تتركز مساعي التهجير في منطقة “ظهر الجبل” شرقي رام الله وفي منطقة الأغوار وفي تلال جنوب الخليل”. وأضافت أن “تصاعد مستوى عنف المستوطنيين في الضفة الغربية محاولة رخيصة لاستغلال الحرب كفرصة لمواصلة تحقيق أهداف اسرائيلية سياسية تسعى قدماً نحو الاستيلاء على المزيد والمزيد من الأراضي الفلسطينية”. وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن إسرائيل قتلت في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر، أكثر من 122 فلسطينياً وأصابت ما يزيد عن 2050 آخرين.

المصدر :إندبندنت

إعلان

اترك هنا تعليقك وشاركنا رأيك