احتفالية كلية اللغات والترجمة بجامعة عدن كانت تجسيدًا للحياة وسط الدمار، بعد عشر سنوات من الحرب والحصار. رغم الظروف القاسية، احتفل الطلاب بنجاحهم في عام دراسي صعب، حاملين ورود السلام وشوكولاتة تعكس مرارة السنين. الألعاب النارية كانت إعلان انتصار على الألم، حيث استمرت الكلية كمنارة للعلم وسط الظلام. التحديات مثل انقطاع الكهرباء وأزمة المياه لم تمنع الأساتذة والطلاب من مواصلة المنظومة التعليمية. الكلية كانت لها دور في تعليم الصمود وفلسفة الحياة، مما جعل الطلاب يرقصون على أنقاض الحرب، ويغنون للحياة، معبرين عن مقاومة لا تقهر.
في ساحة كلية اللغات والترجمة بجامعة عدن، لم تكن الاحتفالية مجرد حدث عابر، بل كانت صرخة حياة تتحدى الموت، وأغنية أمل ترتفع من تحت أنقاض حربٍ طويلة. عشر سنوات من الحصار والدمار، وليالٍ مظلمة بلا كهرباء، وأيام تمر بلا ماء، واقتصاد ينهار كجدار تصدّع تحت ضغط الحاجة… ورغم كل ذلك، أزهرت الحياة في قلب المكان.
في هذا الركن الجامعي الصامد، كتب الطلاب فصلاً جديداً من فصول الصمود. احتفلوا بانتهاء عامٍ دراسيٍ صارم، حاملين ورود السلام، وشوكولاتة تحمل آثار السنين، وألوان زاهية رسمت الابتسامة على وجوهٍ أعياها الانتظار. الألعاب النارية التي أضاءت سماء الكلية لم تكن للاحتفال فحسب، بل كانت بيانَ تحدٍ… إعلان انتصار على كل وجع.
وما زاد الفرحة عمقًا وقيمة، أن هذه الكلية كانت الشعلة الأخيرة التي رفضت أن تنطفئ. بينما توقفت المدارس والكليات الأخرى، ظلت أبوابها مفتوحة، تنبض بالحياة والعلم. أساتذتها واصلوا العطاء على الرغم من غياب وظائف للبعض وعدم انتظام صرف الرواتب للبعض الآخر، وطلابها أجروا امتحاناتهم تحت ظلام انقطاع الكهرباء وضغط أزمة المياه، يروّضون المستحيل بإصرارٍ لا يُقهر.
هنا، حيث تُهدم مقومات العيش، أُقيمت جسور النجاح من العدم. وهنا، حيث يبدو المستقبل سراباً، تمسّكوا به بأيدٍ أرهقها الحلم ورفضت أن تستسلم. لم تكن الكلية تدرس اللغات فحسب، بل كانت تُعَلِّم العالم أبجديات الصمود، وفلسفة الحياة رغم الموت.
وفي لحظة نادرة، انهمرت دموع الفرح ممزوجة بدموع الألم، وظهرت عدن التي لا تُهزم، ولا تنكسر، ولا تركع.
فلنقف احتراماً أمام هذه القصة،
ولنخلّد في ذاكرتنا هذه الصورة المهيبة:
طلاب عدن يرقصون على أنقاض الحرب… ويغنّون للحياة أجمل الألحان!