تشهد اليمن أزمة اقتصادية حادة، حيث تدهورت قيمة العملة المحلية وارتفعت أسعار الوقود بشكل كبير. منذ بداية عام 2025، زادت أجور النقل بين المدن بنسبة تتجاوز 40%، مع ارتفاع سعر تذكرة السفر بين عدن والمخا من 12 ألف إلى 18 ألف ريال. بينما انخفضت قيمة الريال اليمني إلى 2655 ريال للدولار، مما أثّر سلباً على القدرة الشرائية للسكان، حيث يعيش أكثر من 78% تحت خط الفقر. الحكومة تخطط لرفع سعر الدولار الجمركي إلى 1500 ريال، مما قد يزيد معاناة المواطنين ويؤدي لتفاقم الأسعار.
متابعات محلية | شاشوف
مع تصاعد الأزمة الاقتصادية في اليمن، وتراجع قيمة العملة المحلية بشكل غير مسبوق وارتفاع أسعار الوقود، شهدت أجور النقل البري بين العديد من المدن اليمنية زيادة كبيرة منذ بداية العام الحالي. هذه الزيادات تضيف عبئًا جديدًا على الحياة اليومية للمواطنين، خاصة في المحافظات التي تسيطر عليها حكومة عدن.
وفقًا لتقارير المرصد الاقتصادي شاشوف، ارتفعت أسعار تذاكر السفر بين المحافظات الجنوبية والغربية بنسبة تزيد عن 40% منذ يناير وحتى منتصف يونيو 2025. ويرجع ذلك إلى زيادة أسعار المشتقات النفطية وتدهور العملة المحلية، إضافة إلى قرب تنفيذ القرار المقترح برفع سعر الدولار الجمركي في عدن من 750 ريالاً إلى 1500 ريال، مما سيفاقم من تكاليف الاستيراد.
ارتفاع قياسي في أسعار مقاعد السفر البري
من أبرز مظاهر هذه الأزمة، شهد سعر مقعد السفر في سيارات الأجرة بين مدينة عدن والمخا الساحلية قفزة من 12 ألف ريال يمني في يناير إلى 18 ألف ريال حتى منتصف يونيو الحالي، وفقًا لعدد من سائقي الحافلات والمواطنين الذين استطلعتهم “مرصد شاشوف”. تُعتبر هذه الزيادة الأعلى منذ أكثر من ثلاث سنوات، وقد تزامنت مع ارتفاع سعر صفيحة البنزين سعة 20 لتراً إلى ما بين 32 و35 ألف ريال يمني، مقارنة بـ28 ألف ريال فقط في بداية العام.
بينما ارتفع سعر المقعد بين عدن وتعز من 14 ألف ريال إلى 18 ألف ريال، وبلغ سعر النقل من عدن إلى مأرب 50 ألف ريال يمني، بعد أن كان 42 ألف ريال في بداية 2025، حسب البيانات التي يجمعها المرصد الاقتصادي شاشوف.
الجدير بالذكر، أن الرحلات بين عدن وصنعاء، التي تخضع لتعاملات نقدية مزدوجة بين الطبعتين القديمة (المعتمدة في صنعاء) والجديدة (المتداولة في عدن)، شهدت تباينًا كبيرًا في الأسعار. إذ يبلغ سعر المقعد 18 ألف ريال طبعة قديمة (المستخدمة في مناطق سيطرة حكومة صنعاء)، ما يعادل 82 ألف ريال بالطبعة الجديدة في الجنوب وفقًا لأسعار الصرف الحالية.
الريال ينهار بلا قاع… ومعه الاقتصاد
يعكس ارتفاع أجور النقل الصورة العامة لانهيار الاقتصاد اليمني المتسارع، حيث وصلت قيمة الريال اليمني في عدن إلى 2655 ريالًا للدولار الواحد، وفقًا لأحدث بيانات شاشوف لأسعار الصرف اليوم الثلاثاء 17 يونيو 2025، بعد أن كان سعر الدولار في بداية العام 2070 ريالًا، مما يعكس انخفاضًا تجاوز 28% خلال أقل من ستة أشهر.
يأتي هذا الانهيار في إطار انقسام نقدي مزمن يضرب البلاد منذ قرار نقل البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن في عام 2016، مما أدى إلى إنشاء نظامين نقديين منفصلين، أحدهما في الشمال والآخر في الجنوب، مما خلق فجوة صرف كارثية بين الطرفين.
دفع هذا الانقسام العديد من الشركات والتجار إلى التعامل بالدولار أو الريال السعودي لتجنب التقلبات الشديدة، مما زاد من عملية الدولرة غير الرسمية للاقتصاد، خاصة في عدن، وأدى إلى تفاقم الأزمة المعيشية بالنسبة للفئات الفقيرة التي تعتمد على الريال في دخلها اليومي.
رفع الدولار الجمركي يفاقم الكارثة
في محاولة لتأمين موارد مالية وسط أزمة السيولة، تداولت تقارير صحفية أنباءً عن موافقة المجلس الرئاسي على رفع سعر الدولار الجمركي من 750 ريالًا إلى 1500 ريال قريبًا، وهي خطوة ستزيد من تكلفة استيراد السلع الأساسية وغير الأساسية. وفقًا لتحليلات شاشوف، من المتوقع أن تؤدي هذه الخطوة إلى زيادات كبيرة في أسعار المواد الغذائية وقطع الغيار والملابس، بالإضافة إلى أسعار النقل.
في ضوء هذه الظروف، لم تعد الأرقام مجرد مؤشرات اقتصادية، بل تعكس بشكل مباشر معاناة ملايين اليمنيين. وفقًا للتقارير الأممية الحديثة، تجاوزت نسبة السكان تحت خط الفقر 78% في المحافظات الجنوبية، بينما بلغت نسبة البطالة بين الشباب أكثر من 62%. تراجعت القوة الشرائية للريال بنسبة 40% منذ بداية 2023، مما جعل حتى السلع الأساسية كالحليب والزيت والدقيق بعيدة عن متناول الأسر ذات الدخل المحدود، بينما أصبحت السلع تُباع من قِبل التجار بالريال السعودي بدلاً من الريال اليمني بفعل انهيار العملة المحلية، مما يضع المواطنين في مأزق مظلم بلا نهاية واضحة حتى الآن.
تم نسخ الرابط