الإعلانات التلقائية
الرئيسية العرب والعالم اخبار السعودية تفاوت ثقافي في الإدارة المالية: قصة القذافي ورجل بريطاني في تحدِّيات التعامل...

تفاوت ثقافي في الإدارة المالية: قصة القذافي ورجل بريطاني في تحدِّيات التعامل مع المال الخاص – رحلة مثيرة

3
التفاوت الثقافي في الإدارة المالية: دروس من قصة القذافي والبريطاني في التعامل مع المال الخاص
التفاوت الثقافي في الإدارة المالية: دروس من قصة القذافي والبريطاني في التعامل مع المال الخاص

الاختلاف الثقافي في التعامل مع المال: لماذا ينجح الغربيون في التخطيط للمستقبل بينما يعيش العرب بيومهم فقط؟

أخبار اليمن اليوم، البروفيسور أيوب الحمادي: حالنا اقل منهم والسبب اننا لا نخطط للمستقبل!!!!!

كنت جالس مع دكتور من ليبيا نتحدث عن سلوك الشعوب الغربية كأشخاص في التعامل مع المال الخاص، حيث قال مرة القذافي عندما كان في بريطانيا في دورة عسكرية ركب القطار من منطقة معينة حيث انه جلس بجانب انجليزي. ظل يتحدث معه بحكم الطريق الى ان وصل الموظف المختص بتحصيل تذاكر الركاب اي الكمسري. المهم شهامة وكرم العرب طلعت عند القذافي وقرر يدفع قيمة التذكرة للبريطاني مع قيمة تذكرته و البريطاني مستغرب من ذلك، حيث لم يفهم ذلك، اي اذا كان عنده فلوس زيادة، لماذا لم يتعلم ان يدخر ليوم اسود في حياته كما هو طبيعي. القذافي لم ينتظر قليل الا و جاءت عربة القهوة والسندويشات. قام البريطاني اشترى لحاله ما يريد، دون ان يعبر القذافي. ومن وقتها والقذافي الى ان قتل يسرد الحكاية على قلة ذوق البريطانيين حيث انه دفع قيمة تذكرة اكبر من قيمة القهوة لبريطاني، دون ان يحاول البريطاني يرد ذلك اقلها بقهوة لا تكلف شيء مقارنة بقمة التذكرة.

العربي يعيش بماله وتخطيطه يومه فقط، لذلك ينتهي الى كارثة. لم يفهم القذافي ان الغربي ليس بخيل او قليل ذوق ولكن يتصرف بعقلانية مع ما يملك لاسيما هو يتعب من اجل الحصول على وظيفة ومنها مال يدفع ثلثه ضرائب ولا يتبقى الا مابين ٦٠ الى ٧٠ في المائة منه، لذا يقتصد بشكل غريب ولا ينفق لكي يقولوا عنه كريم او شهم او بطل فهذه ليست في ثقافته. الغربي يريد يستمتع بعمره، وادخار المال يسهل له الوصول الى سعادة وامان ومتعة اكثر. الغربي لا يتفاخر في البناء والقصور ولا في الفشخرة والخدم والمرافقين ولا في الاعراس ولا حتى في الكرم ولا الحفلات، اي يمكن يكون معه اكثر من مليون يورو دون ان تشعر وانت جار له، حتى ابنه او بنته لا تنتظر منه يساعدها، مما يجعل الكل يعتمد على حاله يدير اموره بحسب امكانيته دون ربط قدره بالصدفة او اصرف مافي الجيب ياتيك مافي الغيب.

غياب ثقافة الادخار سبب كل أزمة تمر بها الاسرة او الشخص اي سوء تصرف وغياب وعي بأهمية ما يستهلك، فمن حين لاخر نجد هناك ديون و قروض هائلة فوق امكانية الشخص او الاسرة، ما يجعل السبب يعود الى غياب معنى الميزانية ومفهوم استعمال النقود حسب المسموح. فنجد ان الأسر العربية كمثل يتسابقون الى اخذ قروض من اشخاص او بنوك ليس لشيء مهم وانما لكي يقضون اجازتهم او شراء سيارة او تجديد اثاث او عمل حفلة عرس مكلفة او لمشروع فاشل او لوهم كاذب او فشخرة ليس لها معنى او غير ذلك متناسين انهم بذلك يعقدون حياتهم بحبل القروض. لذلك لا تستغرب عندما تجد ان اكثر من ٩٠ % من الأسرة الخليجية وبالذات في المملكة لا تدخر لها اي مبلغ مالي بسبب الاستهلاك وان من هم مقترض وصل إلى مايقارب ٤ مليون مقترض وتجاوز قروضهم الشخصية مبلغ ٤٠٠ مليار ريال سعودي ورغم ذلك تجد ان الخدامة الفلبينية والسواق الباكستاني لازال ضروري لهم. ورغم ارتفاع المرتبات للمواطنين وكثرة المال في المملكة و عدم وجود ضرائب تدفع وانخفاض مستوى المعيشة فان حجم الودائع الادخارية في البنوك السعودية -رغم ذلك- لم تتجاوز ١٢٠ مليار دولار للشعب السعودي كمثل من واقعنا الغني، وهذا مبلغ ضئيل في اغنى بلد عربي.

اما الصورة في الغرب ليس كما قال القذافي وانما تربية وسلوك منذ الطفولة. سلوك يحفظ كرامة الانسان الغربي من ذل السؤال والديون والقروض، التي ليس لها هدف وبالذات عندما يكبر. الانسان الغربي يعرف انه سوف يعيش لوحده ولن يساعده احد، لا يثق بالنظام الاجتماعي كرعاية له ولا يريد يكون عالة عليه، ولا ينتظر من ابنه وابنته تخدمه او تعطف عليه او حتى من زوجته ولا يفكر -اصرف مافي الجيب يأتيك مافي الغيب- وليس عنده خدامة من الفلبين او سواق من الهند او الصين. لذلك الكل واقول الكل يدخر ويتعلم يدخر ولا ينفق بعبط وارتجال، حتى في حفلاتهم الخاصة لا يطبخون الا بقدر وميزان وصنف او صنفين او حتى ثلاثة محدد ان كثر، لاينتهي الى الزبالة مثلما نعمل نحن العرب. قطرات ادخار الالمان برغم قلة المرتبات وكثرة الضرائب والنفقات تتجمع داخل المجتمع بشكل فلكي. شكل فلكي جعلها تصل الى ٦٨٠٠ مليار يورو اي ٨١٦٠ مليار دولار وهذا فقط ادخار، اي تكفي لو قسمتها للشعب الالماني بمعدل ٨١ الف يورو لكل شخص في المانيا طفل او عجوز, اي تكفي مصاريف للشعب الالماني لمدة ٨ سنوات و ٥ اشهر لو فكروا بمفهومنا -اصرف مافي الجيب يأتيك مافي الغيب- دون انتاج او عمل, اي ادخار الالمان ٦٨ مرة حجم ادخار الشعب السعودي برغم ان الالمان يدفعون ضرائب للدولة شهريا تكسر الظهر عكس سكان المملكة. هذه الادخارات في البنوك ترتفع بشكل كبير كل سنة حيث انها ارتفعت بمقدر ٣٠ مليار يورو عن السنة السابقة.

ادخار الالمان نابع عن ثقافة من الطفولة فهم لا يعطون اطفالهم فلوس مصاريف المدرسة الا كميزانية ضئيلة يدخرها الطفل ولا ينفقها الا للضرورة ، اي ليس كما نفعل نحن العرب، ولا يشترون لهم الالعاب دون هدف ودون مشاركة من الطفل نفسه في القيمة مما ادخر، والفلوس التي تتجمع في الاعياد من الاقارب تدخل الحصالة. ادخار الالمان الفلكي هنا يتقسم مابين ادخار في حسابات بنكية او اسهم. ففي الحسابات البنكية وصل الادخار الى ٢٨٨٠ مليار دولار و الباقي موزعة في اسهم وغيرها. ورغم ان الارباح الربوية ضئلة جدا لا تتجاوز صفر في المائة، والتضخم في العملة يفترس الكثير من الادخار، حيث وصل ماخسره المدخرون في السنة السابقة كنتيجة للتضخم الى ٣٨ مليار يورو اي ٤٦ مليار دولار، اي ماخسره المدخر الالماني بسبب التضخم في قيمة العملة اكثر من الناتج القومي لليمن بفارق ٩ مليار دولار على حال اليمن قبل الحرب، ورغم ذلك لازالوا الالمان يدخرون مثل النمل، حيث سوف يرتفع ادخارهم بمقدر ٤ في المائة ايضا هذا العام.

الالمان برمجوا عقول ابنائهم بحب العمل والادخار والتخطيط بثقة للمستقبل بحسب مانملك، ونحن كعرب برمجنا عقول اطفالنا باصرف مافي الجيب يأتيك مافي الغيب، لذلك نجد انفسنا كشخاص وحكومات ومنظمات و جوامع علينا ديون وقروض ونعيش فقط نحاول نقنع غيرنا يعطونا قروض ومساعدات بعد ان انفقنا الذي معنا في سلوك عبثي من رأس الدولة الى اصغر شخص وليس ذلك فحسب و انما لا نموت الا بعد ان نحدث شورت كهرباء في عقول ابنائنا من جهلنا بفهم متطلبات هذا العصر. واخيرا اذكر صديق اردني مزوح طلب مني سلف اي قرض وعندما اعطيته، قال من حقك تطلب مني ابوس يدك وانت تعطيني الفلوس الان، قلت له ايش معنى؟ قال لان استرجاع فلوسك مني سوف تجعلك تبوس رجلي وتترجاني, وفعلا عودة فلوس الدائن صعب في مجتمع يفكر باصرف مافي الجيب يأتيك مافي الغيب.

واخير نسبة ادخار أموال الأسر في المانيا من دخل الأسرة السنوي، وصلت الى حدود ١٢ % ولكم التخيل ان نسبة الادخار في الصين ٣ اضعاف نسبة ادخار الاسرة في المانيا. ولذا كنا قبل ٣٠ سنة نحن كعرب طلاب او مغتربين اغنى من الصينيين والهنود والمهاجرين من اوروبا الشرقية والفيتنامين والان حالنا اقل منهم والسبب اننا لانخطط للمستقبل لا في الاسرة ولا في الدول ولا في ثقافتنا، ونعيش يومنا كعرب بشكل اكبر فيلا وافضل سيارة واكبر عرس وفشخرة، وقبل قليل قلت لصديق نحن نكن فقراء ونعمل حفلة عرس ليست متواضعة، وانما نرهق انفسنا دون ضرورة وليست ذات اولوية، ونعزم ٥٠٠ شخص.

3 تعليقات

اترك هنا تعليقك وشاركنا رأيكإلغاء الرد

Exit mobile version